الاستثمارات والخطط المستقبلية
شمل التغيير مختلف جوانب حياتنا، حتى بات هو الثابت الوحيد في أعمالنا، وشهدت أسواقنا تطوًرا سريعًا جرَّاء تقلبات أسعار الخامات والمواد الأولية والتوجهات الصناعية، كما أدت الجائحة إلى تسريع العديد من التغيرات التي كانت جارية بالفعل في قطاعات النقل والتعبئة والتغليف والإلكترونيات والخدمات الطبية والرعاية الصحية والبناء والتشييد وغيرها؛ ما يتطلب رصد تلك التغيرات والاستجابة لها كي تتمكن (سابك) من تنفيذ خطط نموها.
تحقيق قيمة مشتركة بالتعاون مع (أرامكو السعودية)
منذ استحواذ شركة (أرامكو السعودية) في يونيو 2020م على حصة الأغلبية في (سابك) البالغة 70 %، بدأت الشركتان العمل معًا لاستكشاف أوجه التكامل والتعاون التي تعظِّم القيمة المقدمة من قبل الشركتين لزبائنهما والأطراف ذات العلاقة بأعمالهما والمساهمين.
وقد بدأ التعاون يؤتي ثماره؛ حيث بلغت القيمة المحققة منذ إتمام الصفقة 468 مليون دولار، فيما يتوقع خلال السنوات القادمة أن تحقق (سابك) من أنشطة التعاون مع (أرامكو السعودية) عوائد سنوية تتراوح بين 1.5 مليار دولار إلى 1.8 مليار دولار بحلول عام 2025م؛ حيث من المتوقع أن يأتي ما يقرب من %80 من هذه العوائد عبر التعاون في ستة مجالات عمل رئيسة: المشتريات، والمبيعات والتسويق، وسلسلة الإمدادات، والاستفادة المثلى من مواد اللقيم، وأعمال الصيانة، وتكامل المواد الهيدروكربونية.
ويؤدي التنسيق مع (أرامكو السعودية) إلى تعزيز حجم الأعمال، وتطوير التقنيات وآفاق الاستثمار وفرص النمو في (سابك)، وتهيئ الاستراتيجية طويلة المدى والمشاركة القائمة المزيد من فرص تحقيق القيمة عبر تحسين إدارة مشاريع النمو الاستراتيجية والمشاريع المشتركة، والعمل في إطار نموذج موحد لتقديم الخدمات.
الحياد الكربوني
وضعت (سابك) في عام 2021م خريطة طريق (الحياد الكربوني)، التي ترسم استراتيجية واضحة لتحقيق الحياد الكربوني في عملياتها بحلول عام 2050 م تماشيًا مع أهداف خمسة مسارات لتحقيق الحياد الكربوني: الموثوقية وكفاءة الطاقة والتحسينات، والطاقة المتجددة، والتشغيل باستخدام الطاقة الكهربائية، وجمع الكربون وتخزينه، والهيدروجين الأخضر/الأزرق.
وقد قطعت (سابك) في عام 2021م شوطًا مهمًا في هذه المسيرة؛ إذ عقدت مشاركة مع شركتيْ (باسف) و(ليندي) - الرائدتين في مجالات الغازات الكيميائية والصناعية - لتطوير وحدة تكسير بخارية تعمل بالكهرباء للحد من الانبعاثات الكربونية بنسبة 90 %، كما استثمرت حوالي 1.37 مليار دولار بمنشأتها في "تيسايد" لإنتاج البتروكيماويات لهدف تطوير المنظومة التقنية بها وتحويل وحدة التكسير البخارية لتعمل
بالهيدروجين الأزرق، ومن المتوقع أن تقلل هذه الخطوة البصمة الكربونية للمنشأة بنسبة تصل إلى 60 %، كذلك وقعت (سابك) مذكرة تفاهم مع (نيوم) لمناقشة وتحديد فرص التعاون لتطوير مركز للكيمياء الخضراء باستخدام الطاقة المتجددة.
علاوة على ذلك أبرمت في عام 2021م اتفاقية مع (المنتدى الاقتصادي العالمي) والشركاء في القطاع لتحويل مبادرة التقنيات منخفضة الانبعاثات الكربونية إلى كيان مستقل بحلول عام 2023م.
تلتزم (سابك) في (خريطة طريق باقة أنشطة كفاءة الطاقة) بالأهداف الصارمة للدورة الثانية لبرنامج (المركز السعودي لكفاءة الطاقة)، وتعتزم إطلاق ثمانية مشاريع ضخمة باستثمارات تقديرية تبلغ 2.7 مليار دولار للمساعدة في تحسين استخدام الطاقة ومواد اللقيم. وقد منحت الشركة الأولوية لـ 90 مشروعًا تنطوي على أكبر الإمكانات لتحسين استخدام الموارد الطبيعية.
وتعتبر (سابك) أيضًا من المشاركين الأساسيين في (البرنامج السعودي لاستدامة الطلب على البترول)، الذي يهدف إلى استدامة وتنمية الطلب ضمن منظومة الطاقة العالمية التي تتسم بالفعالية التجارية والبيئية. وبفضل باقتها من منتجات البوليمرات والكيماويات القادرة على دعم الهدف الاستراتيجي للبرنامج، واصلت خلال عام 2021م العمل لتنفيذ مبادرات قائمة على البوليمرات في القطاعات الثلاثة الأعلى استهلاكً للنفط وهي: المواد، والنقل، والمرافق، مع توفير حلول من بينها أكياس البوليمرات لتغليف المنتجات الأسمنتية، وألواح البولي كربونيت الخاصة بفتحات الإضاءة الطبيعية، والألواح الشمسية المصنوعة من البوليمرات، والبلاط المصنوع من البوليمرات، وأنابيب البوليمرات المخصصة لشبكات الغاز، وغيرها.
وتعتبر هذه الشراكات والاستثمارات من الركائز الأساسية في جهود الشركة الرامية إلى التصدي للتغير المناخي وتحقيق كفاءة الطاقة والموارد في السنوات القادمة.
النمو
يقتضي المشهد العالمي الحافل بالتقلبات اغتنام جميع الفرص المتاحة من خلال حلول مبتكرة ومتميزة ومستدامة. وتحرص (سابك) على زيادة تركيزها على المنتجات البتروكيماوية في عام 2022م، وهي خطوة من شأنها تعزيز الكفاءة التشغيلية وإيجاد مجالات للتعاون وتوثيق علامتها التجارية.
في هذا الإطار يتوقع أن يبدأ في عام 2022م تشغيل المصنع الثالث لإنتاج أكسيد الإيثيلين/جلايكول الإيثيلين بشركة (المتحدة) في الجبيل بالمملكة العربية السعودية بطاقة سنوية (700) ألف طن من الجلايكولات. كما يتوقع أن يشهد العام بدء التشغيل التجاري لأحدث مشاريعنا المشتركة مع (إكسون موبيل)، وهو مشروع تنمية ساحل الخليج الواقع في جنوب شرق تكساس، ويشمل وحدة لإنتاج الإيثيلين بطاقة إنتاجية سنوية 1.8 مليون طن، ستغذي وحدتين أولاهما لإنتاج البولي إيثيلين بطاقة سنوية حوالي 1.3 مليون طن، والأخرى لإنتاج جلايكول الإيثيلين الأحادي بطاقة سنوية حوالي 1.1 مليون طن. كما أكملت (سابك) مشروع توسعة (غاز 9)، الذي يضيف 3600 طن من الأكسجين، و 3500 طن من النتروجين يوميًا؛ لتوفير الكميات اللازمة للصناعات ذات الصلة بمدينة الجبيل الصناعية.
وفي قطاع المغذيات الزراعية - الذي يشهد تطورا مستمرًا - تسعى (سابك) إلى تلبية طلب منتجاتها الحالية التي تُستخدم في دعم الإنتاج الغذائي، وتتبنى في الوقت ذاته مبادرات لابتكار منتجات مميزة لتعزيز كفاءة استخدام المغذيات ومعاونة القطاعات الزراعية في تحقيق أعلى المعدلات الإنتاجية من الناحيتين الكمية والنوعية، مع الحد من التأثيرات البيئية.
تستهدف المشاريع الجديدة التي أطلقتها الشركة تعزيز حضورها في الأسواق الرئيسة مثل أفريقيا وأمريكا اللاتينية، ويتوقع تصاعد إنتاجها بنسبة 12 % بحلول عام 2026م، فيما تواصل استكشاف الفرص المتاحة في مجال إنتاج الأمونيا الخضراء من خلال الهيدروجين الأخضر المشتق من التحلل الكهربائي للمياه، مع التركيز على الاضطلاع بدور ريادي في سوق الأمونيا منخفضة الكربون وسوق طاقة الأمونيا.
أما وحدة الأعمال الاستراتيجية للمنتجات المتخصصة - التي تعد مركزًا للمنتجات الفريدة والمميزة لدى (سابك) - فتسعى إلى جعلها واحدة من أفضل خمس شركات في قطاع الكيماويات المتخصصة "متعددة القطاعات ذات قيمة عالية"، ما يستلزم مواصلة النمو وتوطيد العلاقات مع الزبائن وتعزيز التواصل والتعاون بين الإدارات المختلفة في جميع المناطق التي نعمل بها.
تتميز باقة حلولنا المبتكرة بمواكبة التوجهات التحولية، كما أن انتشارنا وحضورنا العالمي وعلاقاتنا الوثيقة مع كبار المصنّعين الأصليين للأجهزة والمعدات يعني تمتعنا بميزات تنافسية قوية مقارنةً بالشركات المنافسة التي تركز في الغالب على مناطق معينة فقط. وفي هذا الجانب تسعى (سابك) دومًا إلى تقريب مواقع عملياتها من كبار المصنّعين الأصليين للأجهزة والمعدات والزبائن في كل منطقة، ومن المتوقع أن يشهد عام 2022م زيادة الطاقة الإنتاجية لراتنجات (ألتم ™) في نغافورة، وإعادة تشغيل مصنع راتنجات (نوريل ™) في هولندا.
وفي خطٍ موازٍ تعمل وحدة المعادن في (سابك) - ممثلة في شركة (حديد) - بفعالية على تحقيق أهداف الاستدامة وأهداف (المركز السعودي لكفاءة الطاقة)؛ إذ أسهمت أهداف الاستدامة قصيرة المدى في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 16.3 % في أعمال الدرفلة منذ عام 2010م. كما أدى تنفيذ (عملية تحسين نظام الفرن المتخصص) إلى تقليل استهلاك الكهرباء بنسبة 1.4 %، وسيتم تعميمها على الأفران الخمسة بحلول عام 2024م.
وتدرس (حديد) أيضا إمكانية إنشاء مصنع في الجبيل لإنتاج ألواح الصلب رقيقة السماكة ضمن باقة منتجاتها الحالية، مستهدفةً تعزيز مكانتها شركةً مصنعةً للألواح الفولاذية وفقًا لمتطلبات السوق المحلية.
وتعد (سابك) من أوائل شركات القطاع الخاص التي تدعم برنامج (شريك) في المملكة، الذي ستهدف تحفيز الاستثمارات الجديدة وتعزيز التعاون والعمل المشترك بين القطاعين العام والخاص.
كما دأبت الشركة على زيادة استثماراتها في مجال التحول الرقمي عبر جميع عملياتها. ورغم تأخر قطاع الكيماويات في هذا المجال، إلا أن هناك إمكانات هائلة يمكن الاستفادة منها من خلال استثمار أدوات وتحليلات البيانات الضخمة لبناء منظومة معلومات فاعلة للسوق، واستنباط أفكار ورؤى جديدة، والاستجابة لاحتياجات الزبائن بشكل أسرع، فضلً عن تعزيز الإنتاجية والكفاءة.