خالد هاشم الدباغ
رئيس
نجحت (سابك) – بحمد الله وتوفيقه – في اجتياز تحديات عام 2021م، وكان لمرونتها واستشرافها المستقبل بالغ الأثر في تحقيق هذا الهدف. كما كان التزام موظفيها وقدرتهم على التكيف أثناء جائحة (كورونا) أمرًا مثيرًا للإعجاب.
شهد العام 2021 م تعاظم المسؤوليات أمام صناعة البتروكيماويات بسبب الطريقة التي تعاملت بها المجتمعات عامةً مع الجائحة والتهديد المتصاعد للتغير المناخي؛ ما تطلب منا التعامل الفاعل مع التوجهات الرئيسة الاقتصادية، والسياسية، والتقنية، والتنظيمية، وذلك في ظل تصاعد التوجه نحو تشغيل الآلات بالطاقة الكهربائية والتحكم بها عبر الذكاء الصناعي، ومواصلة العديد من الدول تشديد الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في وقت تتزايد فيه توقعات الزبائن والمستثمرين والأطراف الأخرى ذات العلاقة بشأن تعاملنا مع هذه التوجهات.
استشرافنا المستقبل
نجحت (سابك) في الاستعداد لمواجهة تأثير هذه التوجهات الرئيسة وانعكاسها على بعض الجوانب الأساسية لصناعتها؛ ونجحت كذلك في تركيز باقة أعمالها والاهتمام بالمجالات التي تمكنها من خفض التكاليف مع الحفاظ على مستوى السلامة والموثوقية في عملياتها.
وفضلاً عن ذلك، استطاعت الشركة خلال الفترة الأخيرة أن تمضي قدمًا في طريقها نحو تحقيق نتائج متميزة بينما شهدت حدثين بارزين هما:
1- جائحة لم يحدث مثيل لها طوال مائة عام
2- دخول مستثمر جديد يملك حصة الأغلبية الاستراتيجية في (سابك) وهو شركة (أرامكو السعودية)
عرض تقرير (سابك) السنوي للعام الماضي تفاصيل مواجهتها للجائحة، وكان هناك العديد من القرارات التي استدعت الظروف حينها اتخاذها وتنفيذها، وللأسف لا تزال تلك الظروف سارية. وقد أدى استمرار جائحة فيروس (كورونا) حتى يومنا هذا إلى تذبذب السوق واختلال سلسلة الإمدادات، ومع ذلك أشعر بالارتياح والتفاؤل إثر نجاحنا في الصمود أمام تلك التحديات، بل وتحقيق أداء مثير للإعجاب خلال 2021 م.
أما على صعيد شركة (أرامكو السعودية) المالك الجديد لأغلبية الأسهم، فكانت المالك المناسب في الوقت المناسب؛ إذ شرعت الشركتان (سابك) و(أرامكو السعودية) في مسيرة تعاونية وتكاملية تُقدّر قيمتها المأمولة حوالي 1.5 إلى 1.8 مليار دولار بحلول عام 2025 م، وجاءت بداية هذه المسيرة طيبة بتحقيق 468 مليون دولار أمريكي من أنشطة التعاون، ما يتجاوز الأهداف التي وضعناها لعام 2021 م.
(رؤية 2030)
لا شك أننا محظوظون كون أعمالنا تأسست في وطن يتمتع قادته بحكمة ورؤية ثاقبة تنسجم مع رؤيتنا الخاصة ونتطلع جميعًا لتحقيقها. وقد نجحت المملكة عام 2021 م في تأكيد مكانتها على الساحة العالمية من خلال مبادرتين رئيستين تمثلان أهمية كبرى لـ(سابك)، هما (مبادرة السعودية الخضراء)، وبرنامج (شريك) الهادف لتعزيز الشراكات الاستثمارية بين القطاعين العام والخاص.
تعمل (مبادرة السعودية الخضراء) على تنظيم جهود المملكة للحد من الاحترار العالمي. واتفاقًا مع هذه المبادرة تتطلع (سابك) إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 م، فيما تواصل العمل مع شركائها في القطاعين الحكومي والصناعي لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من منشآتها الصناعية بنسبة 20 % بحلول عام 2030 م مقارنة بعام 2018 م.
وتهدف مبادرة (شريك) إلى ضخ استثمارات كبيرة في الاقتصاد السعودي، لا سيما من خلال المشاريع الصناعية الضخمة؛ ولهذا السبب ستصبح هذه المبادرة جزءًا أساسيًا في استراتيجية الاستثمار الوطنية وخطة التنمية الاقتصادية التي وضعتها (رؤية 2030). ونظرًا لكون (سابك) تأسست بمشاركة ناجحة بين القطاعين العام والخاص استطاعت من خلالها جذب الاستثمارات الأجنبية، فنحن على دراية وثيقة بالظروف الاقتصادية الخصبة التي تسعى مبادرة (شريك) تعزيزها، ونتطلع إلى المشاركة فيها وتوجيه جزء من طموحاتنا التنموية لتحقيقها من خلال تلك المبادرة.
نحو عام 2050م
لم تعد التجارة العالمية والتقنية والاستدامة تُقدم مجرد طموحات نظرية، بل أصبحت تقدم أهدافًا حقيقية ترتبط بالتميُّز على مستوى العمليات التشغيلية، ونمو الأعمال، وسلامة العمليات، والممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. في الماضي كانت تلك الأهداف تبدو متعارضة، ولكن الواقع اليوم أثبت أنها جميعًا أهدافٌ ضرورية وأساسية لتحقيق القيمة لجميع الأطراف ذات العلاقة.
.لذلك، وبينما نتطلع إلى عام 2050 م، سنواصل تطوير القدرات التي تمكننا من النمو وتحقيق الربحية في ذات الوقت، مع الالتزام بمتطلبات الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات
يتعلق جزء من هذه القدرات ببرامج التحول التي نتبناها وتعاوننا مع (أرامكو السعودية)، فيما يتعلق جزء آخر منها بتعاوننا الوثيق مع شركاء من القطاعين العام والخاص، إلى جانب سعينا الدؤوب نحو تحقيق الحياد الكربوني في عملياتنا. وإنني على ثقة أن قدرات (سابك) ستجعلها في نهاية المطاف بإذن الله (الشركة العالمية الرائدة المفضلة في مجال الكيماويات).