رؤى نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي

في ظل المتغيرات العالمية التي استهدفت احتواء تداعيات جائحة (كورونا)، وضعنا صحة ثروتنا البشرية وسلامتها وأمنها على رأس أولوياتنا، وقطعنا شوطًا طويلً في حماية صحة وسلامة الموظفين وأسرهم والمجتمعات التي نعمل بها. ويسعدني القول إننا اليوم أشد قوة، وذلك بفضل برنامجنا التحولي الممتد لسنوات، والذي ساعدنا في مواجهة التحديات من خلال تعزيز نموذجنا التشغيلي وتركيز محاور اهتمامنا. ومن خلال هذا النموذج ركزنا على أربعة مجالات عمل يسير كٌل منها وفق استراتيجيته الخاصة نحو تحقيق الأهداف المرجوة .ومواصلة تقديم القيمة للمساهمين. كما أننا حريصون على تبني المعايير الحديثة للواقع الجديد التي تشمل رفاهية الموظفين، والممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، والتحول الرقمي

ولا شك أن هذا الأداء الاستثنائي المميز في عام 2021 م لم يكن ليتحقق لولا التزامنا تجاه جميع هذه الأبعاد.

أداء عام 2021م

كان أداء (سابك) في عام 2021 م استثنائيا، حيث بلغت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء 48.3 مليار ريال سعودي ما مثل زيادة بنسبة 139 % مقارنة بالعام الماضي، وشكلت هذه النتيجة رابع أعلى نتيجة حققتها (سابك) على مدار تاريخها. وبلغ صافي الدخل 23 مليار ريال سعودي، وهو ما مثل تحسنًا كبيرًا مقارنة بصافي الدخل لعام 2020 م والذي بلغ 67 مليون ريال سعودي، كما قمنا بزيادة أرباحنا الموزعة إلى 12 مليار ريال سعودي.

وقد واصلت (سابك) تنفيذ استراتيجيتها التحولية ونجحت في تحقيق قيمة كبيرة من خلال التعان مع (أرامكو السعودية). وعلى غرار عام 2020 م ركزت الشركة بشكل قوي على الانضباط الرأسمالي ما ساعد على تحقيق زيادة في الأرباح الموزعة، وجعل (سابك) في مكانة جيدة للاستفادة من فرص النمو المستقبلية. كما عززنا التزامنا بالاستدامة ليصل إلى آفاق جديدة في الربع الأخير من عام 2021 م، حيث وضعنا خارطة طريق واضحة نحو تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 م.

بالمقابل جاء أداؤنا في مجال البيئة والصحة والسلامة والأمن استثنائيًا أيضًا؛ إذ حققنا أفضل نتيجة في تاريخ الشركة على مستوى مؤشر الأداء الرئيس لمعايير البيئة والصحة والسلامة والأمن، وما زلنا نتقدم بخطى سريعة في إجراء التحسينات اللازمة لبلوغ أهدافنا المحددة لعام 2025 م.

نمو لا يتوقف

يؤكد أداؤنا في عام 2021م قدرتنا على تحويل الشراكات إلى محركات للنمو، ويتضح ذلك جليًا في مشروعنا العالمي الجديد لإنشاء وحدة تكسير الإيثان في تكساس "مشروع تنمية ساحل الخليج". ولكن كيف يمكننا الاحتفاظ بميزاتنا التنافسية، بل وإضافة ميزات جديدة طوال مسيرة النمو؟

الإجابة هي مواصلة برامجنا التحولية الناجحة، وبدون شك تعزيز التعاون مع شركة (أرامكو السعودية).

وأرى أنه ينبغي التركيز على ثلاثة مجالات رئيسة خلال السنوات القليلة المقبلة:

1. التصنيع

نسعى إلى جعل مصانعنا تتسم دومًا بالحداثة والموثوقية، ونستثمر في التقنيات الرقمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف. وفي إطار ذلك سنقوم في عام 2022 م - على سبيل المثال -بتطبيق نظام رعاية الأصول (Asset Healthcare) عبر 36 من منشآتنا الصناعية، وهو نظام مراقبة يستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالأعطال التي قد تصيب المعدات الرئيسة.

2. التسويق

تتحقق الهوامش الربحية الجيدة عندما نبيع منتجاتنا في الزمان والمكان المناسبين وبأكثر الأسعار تنافسية. ولتحقيق ذلك نحن بحاجة ليس فقط إلى فهم متطلبات زبائننا، بل أيضًا فهم القيمة المحتملة التي يمكننا تقديمها من خلال باقة منتجاتنا. ويمكن هنا توظيف الذكاء الاصطناعي؛ الذي يستطيع تمييز العلاقات الدقيقة ضمن كميات كبيرة من البيانات ذات الصلة.

3. إدارة رأس المال العامل

تشكل إدارة رأس المال العامل نقطة التركيز الرئيسة لبرنامج (تحويل التكلفة النقدية)، وهنا أيضًا يمكن أن يسهم التحول الرقمي في تحسين هذا الجانب نظرًا لميزاته في مجال إدارة المخزون؛ فمن أجل إدارة المخزون بشكل جيد يجب أن لا يتم طلب المنتجات إلا عند الحاجة إليها، ويمكن لتحليل البيانات المتقدم أن ينبهنا مُسبقًا عندما نحتاج تلك المنتجات.

إضافة لذلك، نتطلع إلى تنفيذ استراتيجيات طويلة الأجل تتعلق بتعزيز النمو، وتنظيم المشاريع المشتركة، ونموذج تقديم الخدمات؛ بما يسهم في تعزيز قيمة جهودنا التعاونية المشتركة مع (أرامكو السعودية) لما بعد عام 2025م.

المسؤوليات الوطنية

ينبغي أن نواصل تعزيز استراتيجية النمو العالمي لأعمالنا على المدى البعيد مع وضع الاستدامة في صميمها. إذ علينا التعامل بصورة شاملة مع أبعاد ثلاثة غاية في الأهمية وهي الثروة البشرية، والكوكب، والازدهار؛ حتى نتمكن من إيجاد القيمة والمساعدة في تحقيق الرفاهية للجميع.

ولكن المنهجية التي نتبعها ستختلف من بلد لآخر. فقد أثمرت استراتيجيتنا للمسؤولية الاجتماعية في عام 2021م 127 برنامجا في 26 دولة، بما فيها المملكة العربية السعودية حيث نلتزم التزاما تاما بتحقيق الأهداف الطموحة التي صاغتها (رؤية 2030).

يبرز في هذا الجانب برنامجنا (نساند) الذي يستهدف تنشيط قطاع المشاريع الصغيرة بالمملكة، ويسهم في إنشاء سلاسل محلية تلبي احتياجات الشركات داخل المملكة وخارجها، ويعمل جنبًا إلى جنب مع الجهات الحكومية المعنية لتهيئة مقومات النجاح التجاري للمصانع المحلية، كما يستهدف استقطاب الشركات الصناعية العالمية لإنشاء مصانع لها في المملكة العربية السعودية، وربط الموردين المحليين بالزبائن المحتملين خارج المملكة. والهدف الأشمل هو تنويع الاقتصاد الوطني حتى ينمو نظام مستدام لريادة الأعمال. ويسهم (نساند) فعلياً في تحفيز النمو الاقتصادي: ففي عام 2021م وحده أسهم البرنامج في توفير 5660 فرصة عمل وبلغ تأثيره السنوي في الناتج المحلي الإجمالي 1.2 مليار ريال سعودي.

الحياد الكربوني

أعلنَّا التزامنا بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050م على مستوى جميع عمليات الشركة التي تقع تحت سيطرتها الكاملة، سواء داخل السعودية أو خارجها، مع مراعاة اختلاف الظروف الإقليمية والمحلية.

ينسجم ذلك مع اتفاقية باريس الخاصة بتغير المناخ، ويوجه جهودنا للوصول إلى الحلول المناسبة. وقد حددنا هدفًا مرحليًا لعام 2030م يتمثل في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي مصدرها منشآتنا بنسبة 20 % (مقارنة بمستوياتها عام 2018م).

الخاصة بتلك المنتجات، من لحظة تصنيعها وحتى التخلص منها. ولكن إنجاز هذه المهمة ليس أمرًا بسيطًا؛ إذ يشمل زبائننا ثم زبائنهم وهكذا وصولً إلى مرحلة التخلص من المنتجات في نهاية المطاف، وتتطلب هذه المسألة التعاون مع الأطراف الخارجية ذات العلاقة بما في ذلك واضعي السياسات والجهات التنظيمية والجهات التمويلية.

وبشكل عام، رصدنا أكثر من 90 مبادرة لتحقيق الحياد الكربوني، يُمكنها مساعدتنا في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

الاقتصاد الدائري للكربون

في إطار تشجيعنا للتنمية المستدامة والتعاون في مجال الابتكار مع الأطراف المختلفة حول العالم، سنركز على الترويج لحلولنا الدائرية؛ التي تشمل تقديم مجموعة من البوليمرات المتجددة المعتمدة، وإنتاج الأمونيا الزرقاء، وبناء أكبر منشأة في العالم لجمع وتنقية ثاني أكسيد الكربون.

نواصل العمل - من خلال مبادرتنا (تروسيركل ™) - لمجابهة سلاسل القيمة التي لا تعتمد مفهوم الاقتصاد الدائري، مع التركيز على دعم الاقتصاد الدائري للبلاستيك المستعمل. وتقديرًا لجهودنا في هذا الجانب منحتنا شركة (فروست آند سوليفان) - وهي شركة استشارات عالمية رائدة - لقب أفضل شركة عالميًا في ممارسات الاستدامة والاقتصاد الدائري لعام 2021م. وبوصفنا عضوًا مؤسسًا في (تحالف القضاء على النفايات البلاستيكية) نحافظ على التزامنا إيجاد حلول مبتكرة تساعد صناعتنا على التحول من الاقتصاد الخطي إلى الاقتصاد الدائري.

إن الدروس الكثيرة المستفادة من برامجنا الخاصة بالحياد الكربوني والاقتصاد الدائري لن يقتصر دورها على تشكيل طريقة نمو أعمال (سابك) فحسب، بل ستكون مثالً يحتذَى لأفضل الممارسات، ما سيرفع بدوره المعايير المطبقة في صناعة البتروكيماويات بشكل عام.

الواقع الجديد

يشهد عالمنا اليوم تحولات كبيرة ستؤثر على نماذجنا التشغيلية وأعمالنا ومواردنا البشرية وطبيعة أماكن العمل، وينبغي أن نتعامل مع هذه التحولات بكل بحزم وثبات، حتى لو جاءت فجأة دون سابق إنذار. لذلك نواصل اهتمامنا بتطوير موظفينا، وضمان أن لدينا أفضل الكفاءات على جميع المستويات. فالكفاءات المناسبة هي التي ستساعدنا في التعامل مع الواقع الجديد وتمكننا من ترسيخ مرونتنا وقدرتنا على مواجهة الاضطرابات الخارجية وسرعة الاستجابة لها.

ومع انقضاء عام 2021م، ودخول عام 2022م، أود أن أقول إننا في وضع جيد يسمح لسابك أن تصبح (الشركة العالمية الرائدة المفضلة في مجال الكيماويات). ولكن مع تسارع وتيرة السباق نحو النمو المستدام في صناعتنا، يجب أن نكون مستعدين لأي مفاجآت جديدة مرتقبة.

"^TM وقبل كل شيء، يجب ألا ننسى علاقاتنا مع جميع الأطراف ذات الصلة بأعمالنا، إذ أنها أيضًا أساسية لتجسيد شعارنا "كيمياء وتواصل.