بيئة الأعمال في عام 2021م والتطلعات المستقبلية لعام 2022م
بيئة الأعمال في عام 2021م
الاقتصاد العالمي 2021م
انتقل الاقتصاد العالمي خلال عام 2021م من مرحلة الانتعاش إلى مرحلة التوسع والازدهار نتيجة قوة الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع الصادرات وتوسع الاستثمار وحزم التحفيز الحكومية؛ ذلك رغم استمرار حالة عدم اليقين المقترنة بجائحة (كورونا) والتضخم واختناقات سلاسل الإمدادات. وأسفر الطلب المقيد وسلاسل الإمدادات المُعطّلة عن اختلال ميزان العرض والطلب، ما أدى إلى اضطرابات كبيرة على مستوى سلاسل الإمدادات وارتفاع معدلات التضخم، وسجل التضخم أعلى معدلاته منذ الثمانينيات في أمريكا الشمالية وأوروبا، وذلك على خلفية ارتفاع تكاليف الطاقة والمركبات والمواد الغذائية في المقام الأول.
الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة
شهدت الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة انتعاشًا هائلً خلال عام 2021م رغم التأثيرات السلبية التي خلفتها جائحة (كوفيد-19) والتضخم واضطرابات سلاسل الإمدادات والعوامل المتعلقة بالطقس. وتعافى خلال العام العديد من الأسواق الناشئة من متحور (دلتا)، وتصاعد الاستهلاك في ظل تدابير الاحتواء المخففة، كما أسهمت الصادرات في تحسن المشهد الاقتصادي مع انتعاش طلب الاقتصادات المتقدمة على منتجات الأسواق الناشئة؛ لتحقق معدلات نمو قوية مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وقوة الصادرات.
الاقتصادات الإقليمية
شهدت أمريكا الشمالية وأوروبا خلال عام 2021م نموًا قوًيا مدفوعًا بالإنفاق الاستهلاكي رغم البيئة المليئة بالتحديات، وسجّل التضخم معدلات مرتفعة في ظل انتعاش الطلب بوتيرة أسرع من العرض، كما شهدت آسيا انتعاشًا بقيادة الصين رغم استمرار سياسة "صفر كوفيد" التي تطبقها الحكومة في تقويض أنشطة قطاع الخدمات والطلب الاستهلاكي، فيما يظل القطاع العقاري الصيني يواجه أزمات عنيفة في ظل التزام بكين بتقليص المديونية المفرطة. وقد تأثرت أنشطة القطاع الصناعي سلبًا جرَّاء حالة الانكماش التي خيّمت على بناء المساكن وتأثير الحملة القوية التي تقودها الصين للتخلص من الكربون الناجم عن استهلاك الطاقة. ومثلّت صادرات السلع نقطة مضيئة في اقتصادات أفريقيا وأمريكا اللاتينية التي شهدت ارتفاع الأسعار ومرونة الطلب من قبل اقتصادات أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، وجاء نمو الناتج المحلي الإجمالي في كلٍ من أفريقيا وأمريكا اللاتينية مدفوعًا في المقام الأول بارتفاع قيمة الصادرات، رغم أن غياب الدعم الحكومي في أفريقيا سَبَّب تحسنًا أقل من المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي.
الإنتاج الصناعي العالمي
شهد الإنتاج الصناعي العالمي انتعاشًا هائلً خلال عام 2021م بعد حالة التراجع التي خيمت على عام 2020م. وقد ساعد الطلب الاستهلاكي المقيد - مدعومًا بالمدّخرات الكبيرة وحزم التحفيز الحكومية المقدمة خلال الجائحة - على استعادة الإنتاج الصناعي العالمي للزخم وعودته إلى معدلات نمو ما قبل الجائحة.
أسواق مواد اللقيم
بلغت أسعار مواد اللقيم خلال عام 2021م أعلى مستوياتها في عدة سنوات، مدفوعةً بالتعافي القوي في الطلب وتحكم منظمة (أوبك) الفعّال في المعروض، فضلً عن مشكلات الإمدادات المتعلقة بالطقس في الولايات المتحدة، والعوامل الجيوسياسية، وتضاعفت الأسعار بسبب توقعات السوق بالنقص النسبي في الإمدادات. كما أسفرت أزمة الغاز الطبيعي في النصف الثاني من العام عن ارتفاع أسعار مواد اللقيم في ظل مكافحة قطاع الإنتاج لمواكبة السعر غير المتوقع في الطلب من الصين نتيجة قلة توافر الفحم. كما أدت المنافسة بين الصين والاتحاد الأوروبي على شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى تضاعف الأسعار أربع إلى خمس مرات.
آفاق عام 2022م
نظرة على مستقبل الاقتصاد العالمي
سيتعين على الشركات خلال عام 2022م التعامل مع عواقب تحولات الحكومات من تحفيز السياسة المالية إلى كبحها ورفع معدلات الفائدة، وتشديد شروط الائتمان وتحولات الطاقة في الاقتصادات الكبرى من الهيدروكربونات إلى الطاقة المتجددة. ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي وسط هذه التحولات استقرارا، فيما تظل التوقعات المستقبلية تحت وطأة الصراعات الجيوسياسية مثل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين أو إيران أو بين الناتو وروسيا. ومن غير المتوقع أن تعرقل السلالات الجديدة من (كوفيد-19) حالة التعافي التي تخيم على المشهد، لكن المتوقع أن تشهد وتيرة النمو تباطؤًا طفيفًا. كما تشير التحليلات إلى تراجع معدلات التضخم خلال عام 2022م في ظل تراجع أسعار السلع الزراعية والصناعية على خلفية تلبية الطلب المقيد (المكبوت)، ورغم ذلك قد تخيم على هذا التراجع حالة من التباطؤ حيث ستستغرق الاختناقات اللوجستية ونقص الإمدادات وقتًا لحلها. ومن المتوقع أيضًا أن يؤدي تشديد السياسات النقدية والمالية إلى التحكم في معدلات التضخم من خلال تقييد نمو الطلب.
الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة
يتوقع أن يشهد النمو في الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة حالة من الاستقرار في عام 2022م مقارنة بوتيرة النمو العالية (أعلى بكثير من الاتجاه السائد) لتصبح أعلى بشكل معتدل من الاتجاه السائد نتيجة سحب التسهيلات النقدية وتلبية الطلب المكبوت. كما يتوقع أن تدعم معالجة نقص العمالة والإمدادات استمرار التوسع في عام 2022م، وقد تسفر إجراءات الاحتواء التي فرضتها السلالات الجديدة من (كوفيد-19) وزيادة النفور من المخاطرة عن إعاقة التوسع الاقتصادي، وتهدد الاضطرابات المطولة التي تخيم على سلاسل الإمدادات بتوسيع الضغط الواقع على معدلات تضخم أسعار السلع الاستهلاكية، وسيخلّف تشديد السياسة النقدية لمكافحة التضخم آثارًا سلبية على الاستهلاك وتوافر الائتمان. وفي حالة استمرار معدلات التضخم على الوتيرة ذاتها، فستتآكل القوة الشرائية للرواتب بما يحّد من الاستهلاك، ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض طلب السلع من الاقتصادات المتقدمة إلى كبح معدلات النمو في الأسواق الناشئة.
الاقتصادات الإقليمية
من المتوقع أن يشهد النمو في أمريكا الشمالية وأوروبا حالة من الاستقرار في عام 2022م مقارنة بوتيرة النمو العالية (الأعلى بكثير من الاتجاه السائد) لتصبح أعلى بشكل معتدل من الاتجاه السائد، وذلك في ظل سحب حزم التحفيز وتلبية الطلب المكبوت. كما تشير التوقعات إلى استقرار النمو في آسيا. ومن المتوقع أن تؤدي السياسة الصارمة التي تتبعها الصين في مواجهة (كوفيد-19) وتداعياته، واستمرار قطاع العقارات في حملات خفض المديونية، وزيادة التدخل في القطاع الخاص، إلى انخفاض معدل النمو في الصين. بالمقابل يتوقع أن يتأثر النمو في أمريكا اللاتينية وأفريقيا سلبًا بانخفاض الطلب على سلعهما الأساسية من أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا.
الإنتاج الصناعي العالمي
من المتوقع أن يستقر معدل الإنتاج الصناعي العالمي خلال عام 2022م مدعوما بزيادة اللقاحات التي تحد من انتشار (كوفيد-19)، فيما يواجه قطاع الإنتاج الصناعي العالمي تحدًيا رئيسًا وهو التحسن البطيء في سلاسل الإمدادات العالمية.
أسواق مواد اللقيم
يتوقع أن تشهد أسعار مواد اللقيم تراجعًا محدودًا على خلفية زيادة إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة، ولكن التحليلات تشير بشكل عام إلى بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة وذلك نتيجة الطلب العالمي القوي، وانخفاض المخزون، وشح المعروض، والأوضاع الجيوسياسية.