التطلعات المستقبلية لعام 2020 م
من المتوقع أن يواصل معدل النمو الاقتصادي العالمي تراجعه خلال عام 2020 م، نتيجة ضعف النمو في الاقتصادات المتقدمة الرئيسة والصين، وكذلك التأثير العكسي الذي خلفته مشكلة (فيروس كورونا) على الاقتصاد الصيني.
وكما كان عليه عام 2019 م، من المتوقع أن يواصل صانعو السياسة بجميع أنحاء العالم تطبيق حوافز نقدية ومالية أقوى لدعم النمو خلال عام 2020 م.وسوف يظل الاقتصاد العالمي يواجه بعض المخاطر الرئيسة والرياح المعاكسة في 2020 م، بما في ذلك الصراعات التجارية الجديدة، والتوترات الجيوسياسية، وارتفاع مستويات الديون. ورغم ذلك، فإن المرحلة الأولى من الاتفاق بين الولايات المتحدة والصين الذي وقع في 15 يناير 2020 م، وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير 2020 م بصورة منظمة، سيؤديان إلى تخفيف حدة المخاوف وحالة عدم اليقين المتعلقة بحمائية التجارة العالمية ومسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التي لم تكن واضحة بعد.
الاقتصادات المتقدمة والناشئة
من المتوقع أن يواصل معدل نمو الاقتصادات المتقدمة تراجعه خلال عام 2020 م، ويرجح أن يعود ذلك بشكل أساسي إلى مواصلة تراجع حركة نمو الاستثمارات، التي سيفوق أثرها التأثير الإيجابي للتحسينات المحتملة في التجارة العالمية.
الاقتصادات الإقليمية
تعكف حكومة المملكة العربية السعودية على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية، مع التركيز على دعم خطط النمو للمدى القريب. وسوف تسهم الخطط التطويرية ومشاريع البنية التحتية في تعزيز أداء قطاعات البناء والتشييد والتصنيع والنقل. كما ستواصل الحكومة تعزيز الإصلاحات الهيكلية التي تستهدف التعليم والعمل والإسكان، فيما قد يواجه الاقتصاد رياحًا معاكسة في عام 2020 م جرَّاء قرارات تحالف فيينا بخفض حصص الإنتاج من داخل (أوبك) وخارجها، إلا أنه من المرجح أن يتعافى كل من الاستثمار الثابت والاستهلاك الخاص بشكل طفيف في عام 2020 م، وسوف تواصل القطاعات غير النفطية دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، الذي يتوقع أن يتحسن بشكل كبير خلال عام 2020 م.
يتوقع أن يشهد النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة دعمًا نتيجة الزيادة في الإنفاق الفيدرالي بموجب قانون الموازنة 2019 م، إضافة إلى تطبيق سياسة نقدية ملائمة، وتخفيف حدة الظروف المالية، والتحسن في العلاقات التجارية مع الصين، والاستهلاك الخاص القوي، والنمو الكبير للعمالة والدخل. ولكن في الوقت ذاته سوف تتأثر مؤشرات النمو بالعديد من العوامل؛ بما في ذلك ضعف الاستثمارات الثابتة، والقيود المفروضة على القدرات، والدولار القوي، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. وبشكل عام فإنه من المتوقع أن يستمر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة في الانخفاض في عام 2020 م، كما يتوقع أن يواصل البنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة الحفاظ على سياساته النقدية التيسيرية لدعم النمو، رغم أن التأثير الهامشي لسياسته على النمو الاقتصادي الأمريكي سوف يستمر في الانخفاض.
أما في الصين، فيتوقع أن يستمر تباطؤ النمو الاقتصادي خلال عام 2020 م، نتيجة تباطؤ نمو الطلب المحلي أعقاب التدابير التي اتخذتها الحكومة لكبح جماح ديون القطاع الخاص المرتفعة، وتسريع تحول الدولة من نموذج قائم على التصدير والاستثمار إلى نموذج قائم على الاستهلاك الخاص، فضلاً عن التأثير السلبي لفيروس كورونا الجديد الذي بدأ مؤخراً في الصين. مع ذلك، ستواصل الحكومة الصينية تقديم الحوافز المالية والنقدية خلال عام 2020 م، ما يخفف حدة تباطؤ النمو الاقتصادي. وستوفر "المرحلة الأولى" للاتفاق الذي وقعته الصين مع الولايات المتحدة في يناير 2020 م بعض الدعم لحركة النمو.
وبالنسبة لمنطقة اليورو، فمن المحتمل أن يزداد ضعف أداء الاقتصاد في عام 2020 م، مع تباطؤ معدل النمو الاقتصادي في جميع الاقتصادات الرئيسة في منطقة اليورو، كما سيشكل انخفاض مستويات الاستثمار والاستهلاك والآفاق غير المواتية للصادرات، أهم الأسباب التي تؤدي إلى خفض حركة النمو الاقتصادي. ومن المتوقع أن يقدم البنك المركزي الأوروبي حافزًا إضافيًا في السياسة النقدية خلال عام 2020 م، رغم أن سياسته النقدية (التيسيرية) ستواصل إنتاج فوائد هامشية متناقصة.
تسعى حكومة المملكة العربية السعودية إلى مواصلة تنفيذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية، مع التركيز على دعم خطط النمو للمدى القريب.
اتجاهات الصناعة
من المتوقع أن يتحسن معدل نمو الإنتاج الصناعي العالمي عام 2020 م بعد أن وصل إلى أدنى مستوى له في عام 2019 م، ويتوقع أن يكون التحسن واسع النطاق إلى حد ما، ليشمل ارتفاع معدل نمو الإنتاج الصناعي في معظم الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الناشئة خلال 2020 م. وعلى مستوى الاقتصادات الكبرى، فمن المتوقع أن تشهد منطقة اليورو واليابان تحسنًا في نمو الإنتاج الصناعي، أما بالنسبة للولايات المتحدة والصين، فمن المتوقع أن يشهدا انخفاضاَ في معدل نمو الإنتاج الصناعي.
اتجاهات قطاعات الصناعة
من المتوقع أن يشهد نمو الإنتاج الصناعي في العالم انخفاضاَ خلال عام 2020 م، مع استمرار تباطؤ نمو الاقتصاد في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وآسيا خلال العام، فضلاً عن الاضطرابات التي تشهدها سلاسل الإمدادات نتيجة فيروس كورونا. ويتوقع أن تشهد القطاعات الصناعية المعتمدة على البتروكيماويات اتجاهات متنوعة؛ فعلى مستوى صناعة السيارات من المحتمل أن يبقى هذا القطاع في وضع الانكماش خلال عام 2020 م نتيجة التباطؤ الذي تشهده الولايات المتحدة والصين وأوروبا، وعلى عكس قطاع السيارات يتوقع أن يتحسن قطاع البناء في عام 2020 م مدفوعًا بالنمو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، كما يتوقع أيضًا أن يشهد قطاعا النسيج والإلكترونيات نمواً خلال 2020 م نظرًا لكون الطلب عليهما أقل تأثرًا بالتباطؤ الاقتصادي العالمي. ومن المتوقع أن يستفيد قطاع الرعاية الصحية من الجهود الحكومية الرامية إلى مكافحة فيروس كورونا.
المتوقع أن تواصل الحكومة الصينية تقديم الحوافز المالية والنقدية خلال عام 2020 م.
اتجاهات قطاع البتروكيماويات في عام 2020 م
من المتوقع أن يواصل قطاع البتروكيماويات العالمية نموه خلال عام 2020 م، وسوف تقود الولايات المتحدة وآسيا هذا النمو، فيما تكون سلسلة الإيثيلين هي السلسلة الأكثر تعرضًا للتحديات نتيجة تفوق العرض على معدل نمو الطلب، فضلاً عن دخول كميات إضافية أخرى إلى السوق - عبر هذه السلسلة - نتيجة انخفاض سعر الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، الذي قد يصل إلى مستوى قياسي، الأمر الذي يتوقع معه بقاء أسعار البتروكيماويات تحت الضغوط خلال عام 2020 م.
سيظل الطلب العالمي منخفضًا بالنسبة للميثانول خاصة في الولايات المتحدة والصين والهند، كما ستؤثر الواردات الأقل تكلفة القادمة من الولايات المتحدة وإيران على الأسعار، ومن المتوقع أن تبقى الأسعار منخفضة في الاتحاد الأوروبي مع استمرار المفوضية الأوروبية في تعليق الرسوم المفروضة على الميثانول الواصل إلى دول الاتحاد الأوروبي، الذي تم تمديده حتى إشعار آخر. ومن المتوقع أن تنخفض هوامش الربح بشكل طفيف في معظم المناطق خلال عام 2020 م.
يرجح بقاء الضغوط على الأسعار نتيجة استمرار ضعف الطلب العالمي لصادرات البولي إيثيلين، والكميات الإضافية التي تضخها الصادرات الأمريكية في السوق، فضلاً عن القدرات الإنتاجية الجديدة للصين. وقد ضاعفت الولايات المتحدة صادراتها إلى العالم خلال عام 2019 م، حيث بيعت المنتجات بأقل أسعار تصدير تم توثيقها، وعلى صعيد آخر يتوقع أن تؤدي جهود الاستدامة التي تبذلها الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى تقليص الطلب على الراتنجات البكر عبر حظر استخدام الأكياس البلاستيكية، الأمر الذي تدعمه أيضًا توجهات المستهلكين، ومن المتوقع أن تنخفض هوامش الربح بشكل طفيف في عام 2020 م في معظم المناطق، فيما تظل هوامش ربح المنتجين الآسيويين المعتمدة على النافتا قريبة من عتبات نقطة التعادل (بين التكلفة والإيرادات) أو حتى دون ذلك.
يتوقع أن تعمد الولايات المتحدة أيضًا إلى زيادة صادراتها من جلايكول الإيثيلين إلى العالم، فيما تضيف الصين المزيد من القدرات الإنتاجية التي تؤدي إلى زيادة توافر هذه المادة وانخفاض معدل استيرادها، بالإضافة إلى ضعف الطلب العالمي، ما سيُشكل مزيدًا من الضغط على الأسعار وهوامش الربح. ويتوقع أن يكون الطلب بالنسبة لجميع المشتقات ضعيفاً في جميع المناطق، ويتأثر بشدة بخفض الإنتاج بين منتجي ترفتالات البولي إيثيلين الصينين الناجم عن ضعف السوق وارتفاع المخزونات وضعف اقتصاديات التشغيل نتيجة العرض الطويل. كذلك يتوقع أن تحافظ هوامش الربح عام 2020 م على مستوياتها في العام السابق في معظم المناطق مع الاتجاه نحو الانخفاض المحدود، كما تظل هوامش المنتجين الآسيويين المعتمدة على النافتا قريبة من عتبات نقطة التعادل (بين التكلفة والإيرادات) أو حتى دون ذلك.
توجهات المواد الخام
من المتوقع أن يشهد عام 2020 م انخفاضاَ في مستويات الطلب على النفط، وزيادة في العرض، وذلك جراء إنتاج الولايات المتحدة الضخم. كما أن تباطؤ مستوى نمو الاقتصاد العالمي، وانخفاض الطلب على وقود الطائرات نتيجة القيود المفروضة من قبل الحكومات حول العالم على حركة الطائرات من وإلى آسيا بسبب فيروس كورونا، سيشكل مزيدًا من العبء على الأسعار، ويتوقع أن تتراجع الأسعار العالمية للنافتا تماشياً مع ضعف الخام وانخفاض الطلب، كذلك يتوقع انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الأمريكية إلى مستوى قياسي نتيجة استمرار الإنتاج القوي في ظل حالة الركود، فيما يؤدي استمرار الإنتاج القوي للإيثان في الولايات المتحدة إلى مواصلة الضغوط على الأسعار. وعلى غرار انخفاض سعر النافتا، من المتوقع أن تشهد أسعار الغاز النفطي المسال تراجعًا مدفوعًا بضخامة الإنتاج وضعف الطلب.
توقعات أداء (سابك) في عام 2020 م
من المتوقع أن يتوافق أداء (سابك) في عام 2020 م مع اتجاهات صناعة البتروكيماويات العالمية. وستواصل (سابك) في عام 2020 م التركيز على مبادرات "المساعدة الذاتية"، من أجل زيادة هوامش الأرباح. وستركز على وجه الخصوص على تحسين الأصول والمنتجات ذات الربحية المنخفضة، مع زيادة تقليص الإنفاق غير التقديري. وفي حين ستعمل فوائد مبادرات التحسين الأخرى على تخفيف تأثير الرياح المعاكسة للسوق، ستستمر (سابك) في وضع وتنفيذ الخطط لتحقيق النمو المربح والمستدام. وخلال مضيها قدماً في خطواتها التحويلية، ستواصل الشركة الاستثمار في مجال الابتكار، والسعي وراء اقتناص الفرص، وتحقيق التحسينات المطلوبة.