رسالة نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي

كان تأسيس (سابك) منذ البداية لغرض مستدام؛ وهو تحويل المنتجات الثانوية المصاحبة لاستخراج النفط إلى منتجات ذات قيمة تفيد المملكة والعالم. وعلى مدار أكثر من 45 عامًا، ولأن الاستدامة تمثل جوهر أعمالنا وجزءًا لا يتجزأ من مساعينا لتحقيق النمو والمرونة على المدى الطويل، فقد أسهم التزامنا بالاستدامة في تحقيق الازدهار، وتقديم المنتجات التي تعزز جودة حياة ملايين الأفراد حول العالم.

تمنح (سابك) الأولوية دائمًا لحماية صحة وسلامة موظفيها وزبائنها وشركائها والمجتمعات التي تعمل فيها؛ فحينما ألقت جائحة (كوفيد- 19 ) بظلالها على العالم، أعددنا - على وجه السرعة - بروتوكولات عمل جديدة ومبادئ توجيهية شاملة مكنت منشآتنا من استئناف العمليات بأمان وبأدنى حد من التوقف.

ندرك تمامًا أننا جزء من صناعة حيوية، ونعتز بتقديم الدعم لموظفينا ومجتمعاتنا وإسهامنا في المنتجات والمواد المستخدمة في معدات الوقاية الشخصية وأجهزة التنفس ووحدات العناية المركزة والمستشفيات، وغيرها.

مثّل هذا العام تحديات اقتصادية جسيمة للمؤسسات التي لاتستطيع - أو لا ترغب - التكيف مع التغيرات التي يمر بها العالم؛ لا سيما بعد أن أسهمت التقلبات الناجمة عن جائحة (كوفيد- 19 ) في تسريع العديد من الاتجاهات التي كانت الشركات ذات التخطيط الاستراتيجي قد أخذتها بالحسبان مسبقاً؛ ما أسفر عن استحداث طرق جديدة للعمل، وعزز التوجه إلى إعادة تقييم ما يمكن أن تقدمه الشركات من قيمة للموظفين والمساهمين والمجتمعات بأسرها. وبالتوازي مع ذلك، هناك أيضًا ضرورة ملحة تتجدد يومًا بعد يوم لحماية البيئة، والعمل وفق أولويات المجتمعات والحوكمة العالمية التي باتت تشكل "الواقع الجديد" فيما بعد الجائحة.

في ضوء هذا التغيير الحتمي، تقف (سابك) على أرض صلبة، مُتأهِّبةً للازدهار، ومسترشدةً بالتزاماتها المستمرة نحو الاستدامة والممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، وهو ما ساعدها بالفعل في تعزيز مرونة أعمالها، ورفع الكفاءة التشغيلية، والاستثمار في التقنيات الجديدة منخفضة الكربون في الوقت المناسب.

لقد أصبحت الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات جزءًا محورًيا من الأعمال باختلاف أنواعها، ولهذا فقد شكلنا مؤخرًا (اللجنة التوجيهية لإعداد تقارير الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات) لضمان تعزيز هذه الاعتبارات في شركتنا وتعاملاتنا في إطار مشاركاتنا القيّمة. ستتيح لنا هذه الخطوة تكييف أعمالنا بشكل مميز وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من حجم أعمالنا ومن معرفتنا الفنية الدقيقة؛ في سبيل خدمة القضايا الملحة للممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، خصوصاً التعامل المسؤول مع النفايات البلاستيكية.

واصلت باقة (تروسيركل ™) نموها هذا العام، وأسهمت في تسريع الوصول إلى حلول ونماذج أعمال ومشاركات جديدة تدعم تصنيع المنتجات بمفهوم الاقتصاد الدائري. وفي هذا الإطار تأتي جهودنا التعاونية عبر سلسلة القيمة لإيجاد منظومة متكاملة لإتمام دورة إعادة تدوير البلاستيك واستخدامه في تغليف المواد الغذائية؛ وتطوير أول وحدة متقدمة في العالم لإعادة التدوير حيث ستنتج البوليمرات الدائرية المعتمدة من البلاستيك المستعمل. ولا شك أن هذه المبادرات المهمة ستسهم في تنمية الاقتصاد الدائري على نطاق واسع.

نحرص في (سابك) على التحكم بتأثير أعمالنا على البيئة؛ الأمر الذي يشكّ أولوية أساسية لدينا، حيث نتخذ إجراءات جدّية للوفاء بأهدافنا الطموحة في هذا الشأن. فمنذ عام 2010 م، حددنا أهدافا استباقية للاستدامة تهدف لتقليل كثافة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وزيادة كفاءة استهلاك الطاقة والماء، وتقليل هدر المواد. وبناء على هذه الجهود، شرعنا في تطوير استراتيجية جديدة شاملة سنحدد من خلالها أهدافنا للمدى الطويل في هذا المجال.

أطلقنا في عام 2020 م المبادرة العالمية لكفاءة الطاقة وإدارة الكربون، ما مكننا من وضع خريطة طريق عامة لباقة كفاءة الطاقة في (سابك)، بموازاة العديد من المبادرات التحولية التي تضع أهدافًا للمديين القصير والطويل تتعلق بتشغيل منشآتنا بالكهرباء والحد من بصمتنا الكربونية.

تشمل هذه المبادرات التعاون الاستراتيجي مع شركة (إيبردرولا) بإسبانيا، الذي سيجعل منشأتنا الجديدة لتصنيع البولي كربونات تصبح أول منشأة كبيرة لتصنيع الكيماويات في العالم تعمل بالكامل بالطاقة المتجددة بحلول عام 2024 م. ومنها أيضًا مشروعنا مع (أرامكو السعودية) ومعهد اقتصاديات الطاقة الياباني؛ حيث استخدمنا تقنية جمع الكربون وتخزينه لتصنيع أول شحنة أمونيا زرقاء في العالم لتوليد الطاقة الخالية من الكربون. 

ننطلق إلى المستقبل بنظرة تفاؤلية نابعة من ثقتنا بمرونة صناعتنا وقدرتنا على تلبية احتياجات زبائننا، مستندين في ذلك إلى الابتكار والتكيف مع المستقبل الجديد للعمل، فيما يظل تركيزنا منصبًا على طموحات النمو طويلة المدى، والاستفادة من متانة سلسلة إمداداتنا العالمية، وكفاءة عملياتنا التشغيلية، وضبط النفقات الرأسمالية.

كما نرتكز على رؤية طويلة المدى، ونبذل أقصى طاقاتنا لتحقيق الاستدامة وتعزيزها؛ مستثمرين تفاني ثروتنا البشرية في جميع مواقعنا العالمية. وُنكَثِّف جهودنا لابتكار مزيد من الحلول التي تسهم في خدمة البشرية، تجسيدا لشعارنا "كيمياء وتواصل".