كلمة رئيس مجلس الإدارة
خالد بن هاشم الدباغ
رئيس مجلس الإدارة
نؤمن إيماناً راسخاً بأن منتجاتنا تُشكل رافداً أساسياً لنجاح زبائننا، فمسيرة نموهم وازدهارهم هي مرآة لنجاحنا وتحقيق أهدافنا. ومن هذا المنطلق، نسلك نهجاً يركّز على التعاون الوثيق معهم بهدف حل المشكلات التي تواجههم وتلبية احتياجات أسواقهم المستهدفة ومستخدميهم النهائيين. وتتجاوز رؤيتنا ذلك، فهدفنا الأسمى هو الإسهام في بناء عالم أكثر استدامة تنعم فيه المجتمعات بالرخاء والازدهار.
يسرني أن أضع بين أيديكم التقرير السنوي الموحَّد الأول لشركة (سابك)، الذي يقدم رؤية شاملة حول استراتيجية الشركة وحوكمتها وأدائها وتطلعاتها، وذلك من خلال منظور متكامل يشمل الجوانب المالية والتشغيلية وكذلك الأبعاد المتعلقة بالاستدامة التي نغرس مبادئها في صميم أعمالنا. نسعى من خلال هذا التقرير إلى إبراز مدى إسهام مختلف جوانب أعمالنا في إيجاد قيمة مستدامة وإحداث تأثير إيجابي على المدى البعيد. ويمثل تحولنا إلى إعداد التقارير الموحدة علامة فارقة مهمة، لا سيما وأن أثر ذلك التوجه لا يقتصر على الارتقاء بجودة الإفصاح عن المعلومات التي نقدمها للأطراف ذات العلاقة، بل يتجاوز ذلك ليشمل التحفيز على تبني نهج التفكير المتكامل الذي تشارك فيه كافة وحدات أعمالنا، فضلاً عن تجسيد شعارنا (كيمياء وتواصلTM)؛ تلك الكيمياء التي تقدم القيمة للمجتمع وتنطلق لترسم ملامح مستقبل مشرق.
إن آفاق النمو المستقبلي واعدة للغاية أمام (سابك)، إلا أن هناك تحدياً يتمثل في بيئة الاقتصاد الكلي التي تعاني من النمو العالمي البطيء ومستويات التضخم المتصاعدة وهوامش الربح المتناقصة، ما أدى إلى هبوط الأداء المالي العام إلى مستويات أدنى من المتوقع. ورغم هذه الصعوبات التي تواجهها الأسواق، فإن المرونة التي يشهدها التدفق النقدي لشركة (سابك)، البالغ 14.0 مليار ريال سعودي (ما يعادل 3.7 مليار دولار أمريكي) مكنتنا من توزيع أرباح بلغت قيمتها 11.4 مليار ريال سعودي (ما يعادل 3.04 مليار دولار أمريكي) لمساهمينا في العام 2023م، محافظين بذلك على استقرار عوائد الأرباح. إضافة إلى ذلك، كان مجلس الإدارة قد وافق على توزيعات أرباح بقيمة 4.8 مليار ريال سعودي (ما يعادل 1.28 مليار دولار أمريكي) للنصف للثاني من العام 2023م، ليتم توزيعها في بداية شهر مارس من العام 2024م. وسيظل التزامنا طويل المدى بشأن توزيعات الأرباح للمساهمين راسخاً بفضل التحسين المستمر لباقة منتجاتنا مع التركيز على الأصول الرئيسة.
تشهد صناعة البتروكيماويات تحولات جوهرية نتيجة للاتجاهات العالمية؛ ورغم أن هذه التحولات تنطوي على بعض المخاطر، فهي تمثل أيضاً أرضاً خصبة للابتكار والنمو. ومن أبرز هذه الاتجاهات ما يلي:
- أنماط العولمة المتطورة التي تُعيد رسم خريطة التجارة العالمية وتحدث تحولاً جذرياً في آفاق الأسواق ومجالات العمل.
- التركيز المتزايد على قضية تغير المناخ التي تلقي بظلالها على مختلف الصناعات على مستوى العالم، في ظل تصاعد الضغوط لاستحداث عمليات ومنتجات منخفضة الانبعاثات.
- الابتكارات التقنية الجديدة في مجالات التشغيل الآلي، وتحليل البيانات، والهندسة النانوية للمواد، التي تُحدِث نقلات نوعية في نماذج الأعمال التقليدية وتعزز مبادئ الاقتصاد الدائري.
تمرُّ (سابك) الآن بمرحلة محورية في مسار تطورها. وبفضل مواطن القوة الراسخة والمزايا التنافسية الفريدة التي نتمتع بها، تتوفر أمامنا فرص نمو هائلة، لكن علينا تعزيز مكانتنا وحضورنا لكي نتمكن من اغتنام هذه الفرص واستثمارها على النحو الأمثل. علينا أيضا أن نستعد للتوجهات المستقبلية لأعمالنا وأن نَفِي بالتزاماتنا المتعلقة بالحياد الكربوني وكفاءة الطاقة والاقتصاد الدائري، وذلك بأن نكون أكثر مرونة وابتكاراً وتنافسية في الطريقة التي نحقق بها القيمة في الوقت الحاضر.
وقد شهد العام 2023م تحقيق (سابك) إنجازات مهمة عديدة أسهمت في بلورة تركيزها على النمو بعيد المدى، ومن أبرزها:
- في إطار سعينا الدؤوب لتعزيز الأصول الاستراتيجية وتحسين أداء باقة منتجاتنا، توصلنا إلى اتفاقية لبيع جميع أسهم شركة (حديد)، التي تمثل قطاع أعمال صناعة الحديد والصلب في (سابك)، إلى صندوق الاستثمارات العامة. ولا شك أن التركيز الاستراتيجي الذي سيتحقق نتيجة انفصال شركة (حديد) عن (سابك) سيمنح كلتا الشركتين مساحة أكبر لرسم خريطة استراتيجية مستقلة، مما يمهد الطريق لمراحل جديدة من النمو والتطور، فضلاً عن أن ذلك سيفتح لشركة (حديد) على وجه الخصوص آفاقاً جديدة للإسهام في المبادرات الوطنية الساعية إلى تسريع مسيرة التنمية الصناعية وتنويع الاقتصاد. ولا ننسى أن (حديد) شكلت ركيزة أساسية لنجاح (سابك) ودعامة قوية لمسيرة نموها وتعزيز قيمتها على مدار أربعة وأربعين عاماً مضت، وسنتابع مسيرتها الجديدة بحماس كبير.
- بدأ التشغيل التجاري لمصنع البولي كربونيت الجديد الواقع في مدينة تيانجين الصينية، وذلك في إطار مشروعنا المشترك مع شركة ساينوبك، وهو أول مصنع من نوعه لشركة (سابك) في آسيا. وبفضل هذا التوجه، تتسع فرص الشراكة المثمرة مع زبائنا في الصين، لنحصد معاً ثمار النمو الاقتصادي ونضمن الاستدامة في استثمار مواردنا الطبيعية والبشرية.
- أعلنت (سابك) في شهر يناير 2024م اتخاذ قرار الاستثمار النهائي في مشروع (مجمع سابك فوجيان للبتروكيماويات) بالشراكة مع (شركة فوجيان فوهوا غولي بتروكيميكال المحدودة). ويجسد هذا المشروع، البالغ حجم استثماراته 6.4 مليار دولار أمريكي، التوجه الواضح لشركة (سابك) نحو تعزيز حضورها في السوق الصينية. وستعتمد هذه المرافق الصناعية ذات المستوى العالمي على تقنيات رائدة لإنتاج مجموعة واسعة من البوليمرات عالية الأداء والكيماويات الصناعية لتلبية احتياجات قاعدة زبائننا الكبيرة في الصين.
ومما لا شك فيه أن هذه المبادرات ستسهم أيضاً في تعزيز قدرتنا على تحقيق أحد تطلعاتنا الرئيسة وهو ترسيخ مكانتنا شركة وطنية رائدة في مجال الكيماويات وداعم رئيس لأهداف (رؤية السعودية 2030م). وفي هذا الصدد، ينصب تركيزنا على التوطين الذي يعزز الربحية للصناعات التحويلية ويحقق أقصى قيمة لمساهمينا.
وقد شهد العام 2023م إطلاق أول مشروع ضخم تحت مظلة برنامج "شريك"، وهو برنامج يهدف إلى تعزيز التعاون المثمر بين القطاعين العام والخاص بهدف تنويع الاقتصاد الوطني. ويضع هذا المشروع حجر الأساس لإنشاء صرح صناعي عملاق لإنتاج المحفزات التي تدخل في صميم جميع العمليات الكيميائية الصناعية تقريباً، معززاً بذلك مكانة المملكة مركزاً رائداً رائد لإنتاج هذه المواد المتخصصة.
ومن أجل إرساء دعائم النمو، لا بد من تعزيز كفاءة عملياتنا وتطوير قدرات موظفينا بما يضمن تحقيق الأهداف المنشودة. ولذا، نعلن عن إطلاق برنامج (ستار) للتحول والتجديد، وسيكون هذا البرنامج هو أحدث أنظمتنا وأكثرها تقدماً لتخطيط موارد الشركة عالمياً؛ بما يسهم في ربط جميع قطاعات (سابك)، وتعزيز اعتمادها على أحدث التقنيات وممارسات الأعمال، وصقل قدرات موظفينا ومهاراتهم، بما يحقق لنا في نهاية المطاف قيمة ملموسة.
كما تعمل (سابك) على إيجاد القيمة للمجتمعات التي تعمل فيها من خلال مبادراتها للمسؤولية الاجتماعية. تلك المبادرات التي تدعم جوانب تعليم العلوم والتقنية، وحماية البيئة، والصحة، والمياه والزراعة المستدامة. كما تشجع تلك المبادرات روح التطوّع في المجتمعات المحلية؛ التي بدورها تزودنا بخيرة الكوادر المؤهلة التي تمثل أغلبية قوتنا البشرية. وقد انعكس هذا الشعور بالانتماء للمجتمعات المحلية في المملكة من خلال عدد من المبادرات والرعايات والبرامج خلال العام 2023م. فعلى سبيل المثال واصلنا شراكتنا مع (إنجاز السعودية)، ورعينا ماراثون الرياض (بمشاركة أكثر من 200 موظفٍ من منسوبينا)، وشاركنا في العديد من مبادرات التبرع بالدم في مختلف مناطق المملكة، إضافة إلى استثمارنا في (مركز شمعة للتوحد) في المملكة العربية السعودية. وباختصار فإن برامجنا للمسؤولية الاجتماعية تعتبر في صميم ما نقوم به.
ومع كل الأهمية التي نوليها للمسؤولية الاجتماعية فإن أنشطتنا في مجالات الابتكار والأخلاقيات والنزاهة وغيرها من جوانب الاستدامة جميعاً تعتبر بذات الأهمية أيضاً. بل لقد حزنا على العديد من الجوائز التي تشهد على الأثر الإيجابي الذي حققناه في العديد من المجالات.
ومما لا شك فيه أننا نسعد بحصولنا على تلك الجوائز، إلا أننا أكثر سعادة بالتقدير الذي نتلقاه من زبائننا. فرغم التحديات التي واجهناها خلال العام، إلا أن التزامنا تجاه زبائننا الكرام لم يتزعزع، إذ نؤمن إيماناً راسخاً بأن منتجاتنا تُشكل رافداً أساسياً لنجاحهم، فمسيرة نموهم وازدهارهم هي مرآة لنجاحنا وتحقيق أهدافنا. ولذا، نضع نجاح زبائننا دائمًا على رأس أولوياتنا. ونتفهم جيداً التحديات التي يواجهها زبائننا نتيجة التغيرات المستمرة في اللوائح التنظيمية والظروف الاجتماعية والسياسية، فضلاً عن متطلبات المستهلكين دائمة التغير. ومن هذا المنطلق، نسلك نهجاً يركّز على التعاون الوثيق معهم حل المشكلات التي تواجههم وتلبية احتياجات أسواقهم المستهدفة وزبائنهم النهائيين. وتتجاوز رؤيتنا ذلك، فهدفنا الأسمى الإسهام في بناء عالم أكثر استدامة تنعم فيه المجتمعات بالرخاء والازدهار.
أما فيما يتعلق بأداء الشركة خلال العام 2024م وما بعده، فإن تركيزنا منصب على رفع مستواه بشكل ملحوظ، لا سيما في ظل تباطؤ تعافي لهدف الاقتصاد العالمي الذي شهدناه في العام 2023م، فالأداء عالي المستوى يعد الركيزة الأساسية التي ستمكِّن (سابك) من مجابهة أي تحديات غير متوقعة، أو اغتنام الفرص التجارية الواعدة، التي تبرز على الساحة على المدى القصير، كما أنه سيرسخ دعائم نموها المستدام على المدى الطويل، انسجاماً مع (رؤية السعودية 2030) الطموحة التي يقود مسيرتها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، رئيس مجلس الوزراء.
وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن خالص امتناني وتقديري لموظفي (سابك) على جهودهم الدؤوبة وتفانيهم الدائم، كما أتقدم بخالص الشكر والتقدير لأعضاء مجلس إدارتنا الموقرين على ما قدموه من توجيهات حكيمة أسهمت في مسيرة نجاحنا خلال العام 2023م. كما أتقدم بجزيل الشكر لصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وزير الطاقة، ووزارته الموقرة على دعمهم المستمر لنا.
وختاماً، أود أن أتوجه بخالص الامتنان والعرفان لزبائننا وموردينا وشركائنا الاستراتيجيين ومساهمينا الكرام، متطلعاً إلى تعزيز أواصر التعاون وبناء جسور من الثقة لنمضي قدماً بكل عزيمة نحو اغتنام الفرص الواعدة وتحقيق الرخاء المشترك، ولنرسم معاً بالكيمياء ملامح مستقبل واعد.
إخلاء المسؤولية: تستند هذه النسخة التفاعلية لـ(تقرير سابك السنوي الموحد) على الملف الأصلي المنشور على هذا الموقع الالكتروني بصيغة (PDF). وفي حال وجود أي اختلاف أو تناقض بين النسختين فإن نسخة الـ(PDF) الأصلية ستكون هي المعتمدة.