كلمة الرئيس التنفيذي
المهندس عبد الرحمن بن صالح الفقيه
الرئيس التنفيذي والعضو التنفيذي في مجلس الإدارة
تُعدُّ ابتكاراتنا بمثابة بوابة للعديد من الفرص الجديدة التي تؤسس لأسواق واعدة، أسواق نشأت بالفعل ولكن لم تكتمل ملامحها بعد. وهذه هي سمة عصرنا الذي يدعونا للتحلي بروح الاستكشاف والتجربة. وهذه الابتكارات تُجسد أهدافنا وتعكس ثقتنا في دورنا الابتكاري والريادي في السوق، كما أنها تعزز شراكتنا الابتكارية مع زبائننا، وتدفع جهودنا المشتركة نحو التغيير والتطور.
على مدار مسيرة استمرت لأكثر من سبعة وأربعين عاماً، مثلت (سابك) قصة نجاح سعودية أصيلة، انطلقت من أرض هذا الوطن المعطاء. وفي أقل من نصف قرن، تمكنت (سابك) من اعتلاء قمة الصناعة، واستطاعت اللحاق بركب الشركات الرائدة في القطاع التي يعود تاريخ تأسيس بعضها إلى القرن التاسع عشر. قطعنا هذه المسيرة المذهلة في وقت قياسي، وذلك بفضل ركائز نجاحنا الراسخة المتمثلة في أن نصبح المورد الأمثل والأعلى موثوقية لزبائننا، وأن نعزز دورنا الريادي بمجال الابتكار والتقنيات الجديدة، وأن نجدد التزامنا بالاستدامة وصحة وسلامة موظفينا والأطراف ذات العلاقة بنا. كل ذلك يدعوني للفخر أن تمسكت شركتنا برؤيتها وقيمها الراسخة على مر السنين.
وأنا على يقين بأن الركائز المتينة هي صمام الأمان الذي نلوذ به في خضم تحديات أعمالنا. ولا يخفى على مساهمينا والأطراف ذات العلاقة التحديات التي فرضتها التقلبات الاقتصادية في العام 2023م، والتي أثرت على بيئة الأعمال، إذ تراجعت معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال العام، ولم تظل معدلات التضخم والأرباح لقطاع البتروكيماويات عند المستويات المعتادة مقارنةً بمتوسط السنوات العشر الماضية. وتتصاعد وتيرة الأحداث على الساحة الدولية، لتؤكد حالة عدم اليقين التي باتت تسيطر على العلاقات الدولية، وهو ما ألقى بظلاله على استقرار سلاسل الإمدادات وأضاف أعباءً جديدة إلى تكاليف الديون المتزايدة.
وبالطبع، كان لصناعتنا نصيب من أثر تلك التداعيات. وفي ظل تزايد عدد سكان العالم والحاجة إلى استحداث حلول مستدامة فورية، تضع (سابك) المشكلات الأكثر إلحاحاً في مقدمة أولوياتها، وتحرص على المشاركة بفعالية في حل أبرز القضايا التي يواجهها العالم.
ولتحقيق هذه الطموحات، يتعين على (سابك) التحلي بالمرونة والقدرة على التكيف لتكون صامدة في المدى القصير، وفي الوقت نفسه اغتنام الفرص على طول الطريق لتحقيق النمو والازدهار على المدى الطويل. ويشمل ذلك تعزيز أداء أعمالنا وتحقيق أقصى قيمة ممكنة من عملياتنا الحالية، وتحسين نموذجنا التشغيلي، وتعزيز القدرة على زيادة رأس المال والتوسع في أسواق جديدة، بهدف تمهيد الطريق للمرحلة التالية من مسيرة التطور والازدهار.
خلال العام 2023م، استطعنا بفضل المرونة والأداء القيادي الفاعل من قبل جميع قطاعات أعمالنا، تخطي الظروف الصعبة للسوق وذلك بالتعامل مع رأس المال بانضباط شديد، والتركيز على إدارة التكاليف، حيث حققنا إيرادات بلغت 141.5 مليار ريال سعودي (37.7 مليار دولار أمريكي)، وبلغت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء 19.0 مليار ريال سعودي (5.1 مليار دولار أمريكي)، بزيادة بلغت نسبتها %13 عن العام كاملاً، في حين بلغ صافي الدخل من العمليات المستمرة 1.3 مليار ريال سعودي (0.3 مليار دولار أمريكي).
جاء الانخفاض السنوي في صافي الدخل من العمليات المستمرة مدفوعاً إلى حد كبير بانخفاض متوسط أسعار البيع، ولكنه تأثر أيضاً بمُخصصات انخفاض قيمة أصول البوليمرات في الولايات المتحدة وأوروبا ومخصصات إعادة الهيكلة ومخصصات تعهدات الشركة الضمنية (التي تقع تحت بند النقدية المُحايدة)، والتي تم تعويضها جزئياً بأرباح القيمة العادلة في المشتقات الضمنية في اتفاقيات المشاريع المشتركة وتحرير مخصصات ضريبية غير مؤكدة. كما تأثر صافي الدخل الإجمالي بشكل أكبر بسبب القرار المُعلن ببيع شركة (حديد) ما أدى إلى الخسارة في القيمة العادلة لشركة (حديد)، إضافة إلى الخسائر الناجمة عن العمليات الجارية وقتها. وباستثناء هذه البنود غير المتكررة، بلغ صافي دخلنا من العمليات المستمرة قبل تلك البنود الخاصة 2.2 مليار ريال سعودي (0.6 مليار دولار أمريكي).
ورغم التحديات التي شهدها هذا العام، فإن توليد النقد الناتج عن أعمال (سابك) بقي محافظاً على قوته، كما هو واضح في تدفقنا النقدي الحرّ البالغ 14.0 مليار ريال سعودي (3.7 مليار دولار أمريكي). وحافظنا أيضاً على مكانة قوية على مستوى صافي المديونية، وحررنا ما قيمته 6 مليارات ريال سعودي (1.6 مليار دولار أمريكي) من رأس المال العامل، مدفوعين بالجهود التعاونية المبذولة عبر الشركة.وفضلاً عن ذلك، بلغت قيمة أنشطة التعاون والتكامل مع شركة (أرامكو السعودية) خلال 2023م 6.8 مليار ريال سعودي (1.8 مليار دولار أمريكي)، وهو ما يعكس الإمكانات الواعدة لتضافر الجهود بين (سابك) و(أرامكو السعودية)
وبشكل عام، فإننا في مكانة جيدة تسمح لنا بمواجهة تحديات السوق الصعبة، حيث حافظنا على معدل صافي مديونية سلبي وميزانية قوية. وعلاوةً على ما سبق، فإننا نحتل المرتبة الثالثة بين أقوى شركات الكيماويات حسب تصنيف وكالة ستاندرد آند بورز العالمية، كما حصلنا على تصنيف (A) مع نظرة مستقبلية مستقرة وتصنيف ائتماني مستقل (A+)، والذي نحافظ عليه منذ العام 2007م.
ويسعدني أيضاً أن أشيد بارتفاع قيمة علامة (سابك) التجارية إلى 4.9 مليار دولار أمريكي في العام 2023م، مُسجلةً زيادة نسبتها 3.7٪، في تأكيد جديد على النظرة الإيجابية المتنامية للشركة بين الأوساط ذات العلاقة، ومواصلة تبوُّء المركز الثاني في صناعة الكيماويات للعام الثاني على التوالي. ويبيِّن ذلك مستوى سمعتنا الجيدة التي يزداد صداها يوماً بعد يوم بين زبائننا على مستوى العالم، كما أن نجاحنا في تعزيز هذه السمعة خلال عام اتسم بالتحديات والصعوبات يؤكد مدى التزامنا العمل على تمكين زبائننا ومساعدتهم على النجاح والتميز.
وبالنظر إلى التقدم الذي أنجزناه هذا العام والدروس المستفادة منه، أود تسليط الضوء على ثلاثة جوانب محورية:
أولًا، وقبل كل شيء، التزامنا بسلامة وأمن موظفينا وزبائننا ومنشآتنا والمجتمعات التي نعمل فيها. إذ تُعد صناعتنا خطيرة بطبيعتها، وبالتالي تتطلب يقظة مستمرة في كل لحظة. وعلى الرغم من جهودنا المستمرة على مستوى تطبيق أعلى معايير السلامة والأمان، شهد العام 2023م وقوع ثلاثة حوادث مختلفة. وحرصاً على عدم تكرار ما حدث، أجرينا مراجعات تفصيلية لهذه الحوادث نُشرت تفاصيلها عبر مواقعنا لتفادي وقوعها في المستقبل.
وإلى جانب تركيزنا على صحة موظفينا وسلامتهم، نحرص أيضاً على الحد من تأثيرات منتجاتنا على صحة الإنسان وسلامته والبيئة المحيطة. وتفخر (سابك) بحصد المرتبة الأولى بين أفضل 50 شركة كيماويات على مستوى العالم، بحسب تقرير مؤسسة (ChemScore) للعام 2023م، المختصة في تقييم وتصنيف أكبر شركات الكيماويات في العالم بناءً على جهودها في تقليل استخدام المواد الكيمياوية الخطرة. يجسّد هذا الإنجاز جهود برنامج الإشراف على المنتجات في ترسيخ مكانة (سابك) بين الشركات الرائدة في هذا المجال.
ثانياً، تُعد الاستدامة - في (سابك) - دافعاً رئيساً للأعمال، مدعومة بثقافة قوية من الابتكار والتميز، وقيم راسخة تدفعنا باستمرار لتجاوز حدود العلم والتقنية. ومنذ العام 2020م، اعتمدنا المنهجية التي طورها مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة لإجراء تقييم استدامة باقة المنتجات. ويمثّل هذا التقييم أساساً لجهودنا الرامية إلى تعزيز استدامة منتجاتنا طوال الوقت، لرفع مستويات رضا زبائننا والمستهلكين النهائيين. وفي العام 2023م، عملنا على توسيع نطاق هذا التقييم، ليغطي 63% من إجمالي إيرادات الشركة، بعد أن كان يشمل 48% فقط في 2022م. وفي 2023م وحده، قدمنا 224 براءة اختراع، يُركز 40% منها على تعزيز النواحي البيئية. وقد تُوجت جهودنا بعديد من الجوائز المهمة، بما في ذلك خمس جوائز "إديسون" للعام 2023م لأفضل المنتجات المبتكرة والجديدة، وجائزة الابتكار في البحث والتطوير الصادرة من مجلة (R&D 100) للعام 2023م تقديراً لجهودنا في إنتاج المُركب (™LNP ™ELCRES CRX) وهو كوبوليمر يعتمد على البولي كربونيت، إضافة إلى تكريم الدكتور بوب موهان، نائب الرئيس التنفيذي للتقنية والابتكار في (سابك)، باعتباره "مُبتكِر العام في مجال استدامة البحوث والتطوير".
فيما تشمل المبادرات المهمة الأخرى خلال العام 2023م ضمن مجالي الحياد الكربوني والاقتصاد الدائري ما يلي:
- في الربع الأول من العام 2023م، أعلنا عن هدفنا الرامي لمعالجة ما لا يقل عن مليون طن متري من منتجات (تروسيركل ™) على الأقل سنوياً بحلول 2030م، وذلك باستخدام مواد لقيم حيوية أو مُعاد تدويرها. وأعلنا عن خارطة طريق لتقنيات الاقتصاد الدائري في أكتوبر 2023م، تشمل استراتيجية متسقة تهدف إلى تحقيق هذا الهدف الطموح. وقد بدأنا بالفعل هذا العام في تفعيل هذه الاستراتيجية من خلال إنتاج 18 ألف طن، الأمر الذي يمثل أساساً للشراكات وسبل التعاون القادمة، ويقترن ذلك بالافتتاح المتوقع لمصنع تجاري لإعادة التدوير المتقدم في خيلين بهولندا خلال عام 2024م، لتعزيز قدراتنا بهذا القطاع.
- وصلت شراكتنا مع شركتي (باسف) و(ليندي) إلى مرحلة حاسمة، شهدت تركيب آخر المحولات الخاصة بالمصنع التجريبي لفرن التكسير الذي يعمل بالتسخين الكهربائي. ومن المقرر بدء التشغيل على مراحل خلال الربع الأول من العام 2024م.
- أعلنت (سابك) عن طرح باقة من درجات راتنج (نوريل™) المصنوعة من مواد لقيم حيوية والحاصلة على الشهادة الدولية للاستدامة والكربون (ISCC+). وستسهم درجات الراتنج الجديدة في تعزيز الحلول البلاستيكية المتجددة في مجموعة من الصناعات، تمتد إلى إنتاج طاقة الرياح والبناء وغيرها.
- وفي إطار مساعينا للدخول إلى سوق الأمونيا واليوريا منخفضة الكربون، أصبحت شركة (سابك للمغذيات الزراعية) أول شركة تُدخِل الأمونيا منخفضة الكربون إلى قطاع الأسمدة الهندي، بعد إرسال أول شحنة تجارية من الأمونيا منخفضة الكربون (5,000 طن) إلى شركة المزارعين الهندية التعاونية المحدودة للأسمدة (آي إف إف سي أو). وشملت الشحنات الأخرى هذا العام 5,000 طن إلى شركة تايوان للأسمدة و2,700 طن من اليوريا منخفضة الكربون إلى جمعية (رافينسداون)، وهي جمعية تعاونية زراعية مقرها في نيوزيلندا.
وهنا، أعتقد أنه من المهم وضع هذه المبادرات في منظورها الصحيح؛ إذ تُعد ابتكاراتنا بمثابة بوابة للعديد من الفرص الجديدة التي تؤسس لأسواق واعدة، أسواق نشأت بالفعل ولكن لم تكتمل ملامحها بعد. وهذه هي سمة عصرنا الذي يدعونا دوماً للتحلي بروح الاستكشاف والتجربة. وهذه الابتكارات تُجسد أهدافنا وتعكس ثقتنا في دورنا الابتكاري والريادي في السوق، كما أنها تعزز شراكتنا الابتكارية مع زبائننا، وتدفع جهودنا المشتركة نحو التغيير والتطور.
ثالثاً، أريد تسليط الضوء على ثقافة شركتنا ودورها في دفع أعمالنا. في العام 2023م، بذلت (سابك) جهوداً حثيثة لتعزيز ثقافتها وقيمها وتجديد التزامها على مستوى المنظومة بأكملها. ووافق مجلس الإدارة على ميثاق أخلاقيات المهنة الجديد المُقرر تعميمه على مستوى قطاعات الشركة خلال الربع الأول من العام 2024م. وحصلت (سابك) على شهادة الريادة في الامتثال للعام 2024م من معهد "إيثيسفير" العالمي الرائد في أبحاث معايير الممارسات التجارية الأخلاقية. وتعد هذه المرة الثالثة على التوالي لحصول (سابك) على شهادة الريادة في الامتثال. إضافة إلى ذلك، منحت الهيئة العامة للمنافسة السعودية شركة (سابك) شهادة لإتمام برنامج الامتثال لنظام المنافسة نظير التزامها بأعلى معايير أخلاقيات العمل.
وإلى جانب جهودنا لتعزيز أخلاقيات العمل، أصدرنا هذا العام بياناً جديداً للتنوع بعنوان "حس الانتماء". ويرتبط هذا البيان ارتباطاً وثيقاً بشعارنا (كيمياء وتواصل™) ويدعم مسيرتنا نحو ترسيخ ثقافة مؤسسية نابضة بالحياة وشاملة تجعل من (سابك) جهة العمل المفضلة، وتمكننا من تحقيق النجاح. وأود هنا أن أؤكد على جهودنا في رفع معدلات تعيين النساء في (سابك)، في ضوء مستهدفات (رؤية السعودية 2030) المتعلقة بتعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة الوطنية، إذ ارتفعت نسبة الموظفات السعوديات في (سابك) بنحو %150 خلال العامين الماضيين. كما نحتفل بمرور 10 سنوات على تعيين أول 40 موظفة سعودية، كان لهن دور حاسم في دفع مسيرة النمو والتحوّل في (سابك) سواء على مستوى المملكة العربية السعودية أو حول العالم. وفيما يخص دفعة 2023م التي تضم 224 طالباً في برنامج (سابك) للابتعاث، فقد تم تقسيمها بالتساوي بين الرجال والنساء، لتخريج مجموعة قوية ومتنوعة من المواهب المستقبلية للشركة.
وأخيراً، لا يسعني اختتام كلمتي دون التطرق إلى أهدافنا وقيمنا التي تمثّل المحرك الدافع لجميع أعمالنا، وأساس علاقتنا الوثيقة مع الأطراف ذات العلاقة على مستوى العالم، كما تمكننا من تعزيز دورنا الوطني الريادي بقطاع الكيماويات في المملكة العربية السعودية وتمكين تحقيق (رؤية السعودية 2030)، والإسهام في حماية كوكبنا للأجيال الحالية والمستقبلية. وتأتي هذه المبادئ في صميم شعارنا (كيمياء وتواصل™)، وتدفعنا إلى توليد أقصى قيمة ممكنة لزبائننا والمجتمعات التي نعمل فيها، وتعزز من رؤيتنا لأن نصبح الشركة العالمية الرائدة المفضلة في مجال الكيماويات.
إخلاء المسؤولية: تستند هذه النسخة التفاعلية لـ(تقرير سابك السنوي الموحد) على الملف الأصلي المنشور على هذا الموقع الالكتروني بصيغة (PDF). وفي حال وجود أي اختلاف أو تناقض بين النسختين فإن نسخة الـ(PDF) الأصلية ستكون هي المعتمدة.