رؤى نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي

كانت (سابك) من الرواد الذين أدركوا ضرورة قيام الشركات العالمية بإعادة تقييم عملياتها واستثمار إمكانات التحول الرقمي، وجاءت الأحداث الراهنة لتؤكد أهمية تسريع ما تم اعتماده قبل خمس سنوات، وتؤكد أيضًا أن إجراءاتنا المبكرة كانت وراء تَصَدُّر الشركة طليعة الشركات البتروكيماوية العالمية أولينا هذا العام مزيدًا من التركيز على الابتكار ومستقبل أعمالنا مع تعزيز طموحاتنا للنمو طويل الأجل، والاستفادة من قوة سلسلة إمداداتنا العالمية والكفاءات التشغيلية، وكفاءة إدارة رأس المال. وقد قلَّصت هذه الإجراءات تأثير التحديات قصيرة المدى، وأتاحت لنا فرصة الازدهار في ظل الأوضاع الاقتصادية الجديدة.

أكدت نتائجنا لعام 2020 م أهمية مرونة أعمالنا وقوة استراتيجيات النمو طويلة المدى التي نتبناها؛ فرغم العوامل الخارجية - بما في ذلك تأثيرات الجائحة على أسواقنا المستهدفة وانخفاض الأسعار - تحسن الأداء في المبيعات والنفقات الرأسمالية والمصروفات العامة والإدارية، حيث سجلت (سابك) في 2020 م دخلً صافيًا قدره 67 مليون ريال سعودي، ومبيعات بقيمة 117 مليار ريال سعودي، وإنتاجًا بلغ 60.8 مليون طن، وتشير هذه النتائج إلى نجاحنا في التعامل مع "الوضع الجديد"، ومهدنا طريق النجاح لأعمالنا مع عودة الاقتصاد العالمي إلى النمو. يتميز نموذج أعمال (سابك) بالمرونة والقدرة على التكيف، والكفاءة التشغيلية، والتواصل مع الزبائن. وقد اكتسبنا نقاط القوة تلك نتيجة تفاني ومهنية موظفينا حول العالم؛ وهنا أود أن أعرب عن تقديري البالغ لجميع الموظفين لإسهاماتهم المميزة خلال هذا العام الاستثنائي. وإنني فخور للغاية بما حققته (سابك) من إنجازات خلال هذه الظروف، ومدى تأثير قيمنا في تحفيز موظفينا وإلهام المجتمعات التي نعمل من أجلها. يعكس أداء الشركة خلال عام 2020 م تركيزنا القوي على زبائننا، وتقديم حلول مبتكرة ومستدامة عالية الجودة. ولأننا ندرك أهمية الاستثمار للأجيال القادمة، قدمنا مبادرات في المسؤولية الاجتماعية تستهدف تحسين جودة الحياة في جميع أنحاء العالم. وفضلً عن جهودنا المعتادة، حرصنا على التعاون الوثيق مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية للتغلب على تحديات الجائحة.

أسهمت (سابك) في الجهود العالمية لمواجهة الجائحة، حيث قدمنا الدعم النقدي والعيني للفئات الأشد احتياجًا، وعملنا على توفير مواد المستلزمات الأساسية للفرق الطبية في الخطوط الأمامية بجميع المجتمعات التي نعمل فيها، وشمل ذلك توفير معدات الوقاية الشخصية للممارسين الصحيين وغيرهم من الفئات الأكثر عرضة للعدوى.

وفي المملكة العربية السعودية، حرص برنامجنا لتنمية المحتوى المحلي "نساند ™" - وهو ركيزة أساسية في دعمنا لرؤية المملكة 2030 م - على العمل مع القطاع الصحي، حيث قدمنا وسائل الدعم المختلفة للشركات المحلية التي تنتج معدات الوقاية الشخصية. وشمل ذلك تطوع مراكز (سابك) التقنية للعمل مع مُصنعي المنتجات الوسيطة لتحديد أفضل المواد الأولية اللازمة لتطوير حلول جديدة لتعزيز صحة المجتمعات.

كانت الجائحة بمثابة اختبارٍ حقيقيٍ لقياس مدى استعدادنا وقدرتنا على التكيف في مجالات البيئة والصحة والسلامة والأمن، لذلك عملنا بجد لرفع كفاءتنا في هذا المجال، مع تعزيز الإشراف على المنتجات وإدارة مخاطر العمليات بفعالية، وحماية موظفينا العاملين في الخطوط الأمامية. وستظل مجالات البيئة والصحة والسلامة والأمن أولوية قصوى بالنسبة لأعمالنا، ونحن ملتزمون بالتميز في هذه المجالات من خلال تكثيف البرامج التدريبية لمواردنا البشرية وصقل مهاراتها.

يُعد تطوير اللقاحات والإعلان عنها من الأخبار السارة التي تبعث الأمل في انتعاش الاقتصاد العالمي خلال عام 2021 م وما بعده. ويقترن تفاؤلنا بالتزامنا الراسخ العمل كصناعة أساسية، والمحافظة على مستويات الإنتاج للمساعدة في توفير السلع الأساسية، وتلبية الاحتياجات الإنسانية على مستوى العالم.

شهد شهر يونيو 2020 م دخولنا حقبة جديدة في تاريخنا؛ حيث أصبحنا الذراع الكيماوية لشركة (أرامكو السعودية)، بعد استحواذها على حصة 70 في المائة من أسهم (سابك)، عبر صندوق الاستثمارات العامة، بقيمة بلغت 259.125 مليار ريال سعودي ( 69.1 مليار دولار أمريكي).

إن (سابك) و(أرامكو السعودية) شركتان رائدتان على الصعيد العالمي، ولا شك أن التكامل بينهما يضفي مزيدًا من القوة والانتشار في السوق العالمية، وقد بدأنا في الربع الثالث من عام 2020 م مرحلة تنفيذ عمليات التنسيق بين الشركتين، ما يمكننا من تحقيق نمو طويل الأجل وتحقيق قيمة أكبر لمساهمينا؛ حيث يتوقع أن تبلغ القيمة السنوية التي ستجنيها (سابك) نتيجة أنشطة التعاون بين الشركتين بحلول عام 2025 م، ما بين 1.5 مليار دولار و 1.8 مليار دولار، ونتوقع أن يأتي حوالي 80 في المائة من هذه القيمة سنوًّيا من خلال ستة مجالات عمل رئيسة تشمل: المشتريات، والمبيعات والتسويق، وسلسلة الإمدادات، وتكامل المواد الهيدروكربونية، والاستفادة المثلى من مواد اللقيم، وأعمال الصيانة.

لا شك أن تكامل الشركتين يشكل قوة كبيرة بالنظر إلى باقة أعمالهما ومنتجاتهما واستراتيجياتهما وحضورهما العالمي ومواردهما البشرية، ما سيسهم في دفعنا قدمًا نحو تحقيق طموحاتنا في النمو على المدى الطويل، ورسم ملامح مستقبلنا، ومواصلة مسيرتنا التحولية، وإعادة تشكيل أعمالنا لننطلق نحو آفاق جديدة من النمو المستدام.

تتبوأ (سابك) مرتبة رائدة بين كبريات الشركات البتروكيماوية العالمية، وتسعى إلى أن تصبح أيضًا شركة رائدة في صناعة المغذيات الزراعية والمنتجات المتخصصة. وفي هذا السياق أبرمت (سابك) خلال الربع الأخير من عام 2020 م اتفاقية شراء حصة في شركة (سافكو)، التي أصبحت بمسماها الجديد (شركة سابك للمغذيات الزراعية)، تمتلك حصة (سابك) في الشركة الوطنية للأسمدة الكيماوية (ابن البيطار)، وشركة الجبيل للأسمدة (البيروني)، و 33.33 في المائة من أسهم شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات (جيبك). وتحقق هذه الخطوة الاستراتيجية مزيدًا من التركيز والمرونة لأعمال المغذيات الزراعية، وتهيئ ل (سابك) منصة للنمو المستدام بوصفها شركة رائدة في صناعة المغذيات الزراعية في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.

وعلى صعيد المنتجات المتخصصة، حققنا هذا العام إنجازًا جديدًا مهمًّا في مسيرتنا التنموية عبر تحويل وحدة الأعمال الاستراتيجية للمنتجات المتخصصة إلى كيان مستقل قائم بذاته؛ في خطوة من شأنها أن تسهم في تطوير نموذج أعمالها، وتحفز فرص نموها، وتمكنها من تلبية متطلبات واحتياجات زبائنها. علاوة على ذلك، شهد العام تعزيز مكانتنا الريادية العالمية في مجال المنتجات المتخصصة من خلال رفع حصة ملكيتنا في شركة (كلارينت) من 25 ٪ إلى 31.5 ٪. 

يشكل التحول الرقمي مكوًنا أساسيًّا في استراتيجية (سابك) للنمو؛ اتفاقًا مع توجه العالم نحو الاقتصاد الرقمي، وتدرك الشركة أهمية الإمكانات الهائلة للتحول الرقمي في تعزيز التحول في أعمالها، وتوثيق قدراتها التنافسية، وريادتها في صناعة الكيماويات بفضل إمكانات وقوة البيانات الضخمة، والتعلم الآلي، والذكاء الاصطناعي.

وضعنا في (سابك) أسس التحول الرقمي التي تهيئ لنا المضي في مسيرتنا لنصبح (الشركة العالمية الرائدة المفضلة في مجال الكيماويات). وبدأنا في عام 2019 م استراتيجية التحول الممتدة لخمس سنوات، وفي عام 2020 م أطلقنا 22 مبادرة للتحول الرقمي شملت قطاعات أعمالنا المختلفة، بما في ذلك التقنية والابتكار، والاستدامة، والمشتريات، والبتروكيماويات، والمغذيات الزراعية، إلى جانب المشاريع التجريبية السابقة في قطاع التصنيع، وتستهدف خطتنا لعام 2021 م زيادة برامج التحول الرقمي التجريبية الناجحة، وتوسيع نطاقها عبر الشركة، إضافة إلى إطلاق برامج جديدة.

على صعيد آخر، تلتزم (سابك) بالمحافظة على هويتها القوية ومكانتها الريادية فيما يتعلق بقضايا الاستدامة والمسائل المتعلقة بالممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. وقد حظيتُ شخصيًّا في عام 2020 م بشرف رئاسة مجموعة الأعمال السعودية (B20) خلال قمة مجموعة العشرين التي رأستها المملكة العربية السعودية، وكان من أهم النتائج المستفادة من هذه المشاركة التركيز المحوري على الاستدامة التي تشكل مساحة بارزة في استراتيجيتنا المتكاملة لأعمالنا ونجاحنا على المدى الطويل.

على سبيل المثال، وقعنا في عام 2020 م اتفاقية لبناء محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية بمصنع البولي كربونيت في (قرطاجنة) بإسبانيا، الذي سيكون أول مصنع ضخم للكيماويات في العالم يتم تشغيله كاملً بالطاقة المتجددة. كما عملت مراكزنا التقنية العالمية خلال العام أيضًا على إنشاء خريطة طريق لدفع نمو أعمال الاقتصاد الدائري بالتوازي مع باقة منتجات وخدمات (تروسيركل ™) الاستراتيجية. إن المبادرات التي ننفذها في مجال الاستدامة، إضافة إلى إنجازاتنا الاجتماعية وفي مجال الحوكمة، كحصولنا على لقب "أفضل أصحاب العمل" في آسيا. ومكانتنا الريادية في مجال التنوع والمساواة في فرص التوظيف على مستوى أوروبا، وكوننا شركة تعمل وفقًا لأعلى المعايير الأخلاقية والحوكمة، تُبرز مدى حرصنا الدائم على دمج العناصرالرئيسة للممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.

وعلى هامش مناقشات مجموعة أعمال العشرين، استضافت (سابك) أيضًا أول منتدى مفتوح لاقتصاد الكربون الدائري، مستهدفةً تنمية الوعي لدى فئات المجتمع المختلفة، إلى جانب المجتمع الصناعي، وإلقاء الضوء على التعاون الجاري بين الأنظمة الاجتماعية والبيئية حول دورة حياة الكربون. وفي الوقت نفسه، عززنا تميزنا على مستوى الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات؛ حيث أنشأنا لجنة توجيهية لإعداد التقارير الخاصة بهذا الجانب ستشرف على دمج العناصر الرئيسة ل (الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات) في استراتيجيات أعمالنا، والتأكد عند إعداد التقارير الخاصة بهذا الشأن من اتباع ممارسات واضحة ومنضبطة ومتكاملة.

أعدت (سابك) نفسها للتعامل مع التحديات التي يفرضها الواقع الجديد بعد الجائحة، من خلال إعداد استراتيجيات وخطط بعيدة المدى، مع التركيز في العام المقبل على كفاءة رأس المال، وإدارة التكاليف، وتعزيز قدرتها على الاحتفاظ بميزانية عامة متينة وتصنيف ائتماني قوي. 

سنواصل تركيز استراتيجيتنا على تحقيق أولوياتنا، التي تشمل البيئة والصحة والسلامة والأمن، وتنمية الثروة البشرية واستنفار قدراتنا الإبداعية، وتعزيز العلاقات مع الزبائن، والاستدامة، والابتكار الذي يواكب متطلبات السوق. كما سنزيد من وتيرة جهودنا التعاونية مع (أرامكو السعودية) لهدف تعزيز القيمة، وتسريع مسارنا التنموي؛ من خلال توفير نطاق أعمال أوسع وقدرات تقنية وإمكانات هائلة للاستثمار وفرص النمو.

نتطلع خلال عام 2021 م إلى انتعاش الاقتصاد العالمي، لينقلنا إلى بيئة أعمال أفضل في عام 2022 م. ولإننا بمرونة أعمالنا نزدهر، سنواصل دعم أعمال زبائننا لاجتياز التحديات التي واجهتهم هذا العام. مؤكدين التزامنا الثابت بمساعدتهم على تلبية متطلبات السوق المتغيرة بمنتجات مستدامة ومتميزة، لتجسيد شعارنا "كيمياء وتواصل TM".