الدكتور عبد العزيز بن صالح الجربوع
رئيس مجلس إدارة (سابك)
بدأت (سابك) هذا العام رسم ملامحها الجديدة عبر مسيرة التحول التي أطلقتها لتعزز نموها وأداءها المالي وقدراتها التنافسية، وتمضي هذه المبادرة قُدُماً محققةً بواكير ثمارها وتقود الشركة نحو تحقيق طموحها وبلوغ رؤيتها (أن تصبح الشركة العالمية الرائدة المفضلة في مجال الكيماويات) بحلول عام 2025 م، سيما أنها نجحت في تنمية إسهاماتها لتكون عامل تمكين رئيساً ل (رؤية المملكة 2030 م) التي تجسد الاستراتيجية الوطنية الطموحة للتنويع الاقتصادي ومقابلة تقلبات أسعار الطاقة.
ساعد تركيز الشركة على الاستدامة في توجيه هذا التحول، حيث حرصت على ضمان اقتران النمو - على المدى القصير- بالمنافع والفوائد المحققة للمدى البعيد بالنسبة للبيئة والاقتصاد والمجتمع ككل، وتحقق الاستدامة هذا الهدف من خلال توجيه قراراتنا الاستراتيجية للتشديد على الابتكار التقني، وكفاية الموارد والطاقة، ورأس المال البشري، والبيئة، والصحة والسلامة والأمن، والمسئولية الاجتماعية؛ الأمر الذي أسهم في زيادة أرباح الشركة، وتوثيق علاقاتها مع زبائنها بوصفها شركةً متعاونةً تضع الزبائن في صميم عملية صنع القرار.
حظيت الاستدامة بأولوية خاصة في عام 2018 م، إذ جعلتها (سابك) نبراساً لجهودها في ابتكار منتجات جديدة واستحداث إجراءات عمل أكثر فعالية، وتوفير المواد اللازمة للتوسع في استخدام الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة المستخدم في عملياتها، مع مواصلة تقليص كثافة بصمة الكربون الناجم عن العمليات الصناعية، وتفعيل حلول الاقتصاد الدائري في سلسلة القيمة.
إن الابتكار في مجال الاستدامة وتحقيق النمو المستدام يحتاج إلى كفايات، وقد كثفت الشركة استثماراتها في هذا الجانب المهم باستحداث المزيد من الفرص الوظيفية، ومواصلة تنمية أداء الموارد البشرية بالتوسع في برامج التدريب والتطوير والقيادة، مدركةً أن الاستثمار في الثروة البشرية هو مفتاح تعزيز الأداء والقدرة التنافسية وتسريع الجهود التحولية.
دأبت (سابك) على تحفيز جهود الابتكار لإثراء باقة حلول الاستدامة التي تسهم في تقليل كميات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن العمليات الإنتاجية، وتحقق وفراً أكبر في مراحل أخرى من دورات حياة المنتجات.
اتسعت دائرة الحلول نتيجة الأبحاث المبتكرة، والتعاون المكثف مع الخبراء في المجال الأكاديمي، والعمل الوثيق مع الزبائن والفهم العميق لاحتياجاتهم، ومراعاة المرونة والابتكار وإبداع الحلول التي تمكنهم من النمو وتحقيق أهداف الاستدامة الخاصة بهم، وقد نمت باقة الحلول في ظل شعار (كيمياء وتواصل ™.)
أولت (سابك) هذا العام عناية بالغة لدعم مفاوضات المناخ العالمية، وقد شاركت ضمن وفد رفيع المستوى مثل المملكة العربية السعودية في (المؤتمر الرابع والعشرين لأطراف اتفاقية المناخ) الذي نظمته الأمم المتحدة في(كاتوفيتشي) ببولندا في ديسمبر 2018 م، وقدمت مجموعة من الحلول المبتكرة للتنمية المستدامة في جناح دول مجلس التعاون الخليجي.
وندرك في (سابك) أن تعزيز جهود المملكة في مجال الاستدامة هو أحد أهم الإسهامات التي يمكن أن نقدمها في سبيل تحقيق أهداف (الرؤية السعودية 2030 م).
كما تولي (سابك) ذات العناية لتعظيم الفوائد المجتمعية الناتجة عن مواردنا الطبيعية وذلك من خلال الالتزام بالاقتصاد الدائري، وتكييف العمليات لإعادة التصنيع والتدوير، وتصميم المنتجات لحياة أطول وإبداع الحلول لإعادة استخدامها، ما يحد ن التسرب إلى المحيطات والبيئة.
تعمل الشركة على توسيع نطاق فعاليات إعادة تدوير النفايات البلاستيكية المختلطة مرة أخرى وتحويلها إلى مواد كيماوية أو بلاستيكية، وقد أعلنت هذا العام عن عزمها بناء مصنع في تمة من خلال إعادة تدوير النفايايِّ َهولندا لإنتاج مادة خام ق لتي كانت تحرق أو تدفن في مكباتا لمختلطةا لبلاستيكيةا النفايات، وتكون بذلك أول شركة كيماوية تنفذ مثل هذا المشروع، وتتبوأ موقعاً ريادياً في تعزيز الاقتصاد الدائري.
تعد (سابك) من أكبر الشركات الكيماوية المتنوعة، وتحتل المركز الثالث في قائمة كبريات الشركات العالمية وفقاً لتصنيف (فوربس) عام 2018 م، كما أنها - من خلال عملياتها في أكثر من 50 دولة - مؤهلة لإحداث تأثير إيجابي في المجتمعات التي تعمل بها، وقد طورت في السنوات الماضية إجراءات مسئوليتها الاجتماعية لزيادة تأثيرها من خلال تنفيذ استراتيجية ( RAISE ) العالمية، التي تحفز الموظفين للعمل التطوعي وتنشر ثقافة العطاء في أربعة مجالات رئيسة هي: التعليم في مجال العلوم والتقنية، وحماية البيئة، والصحة، والمياه والزراعة المستدامة، وقدم المتطوعون من مواقع (سابك) بجميع أنحاء العالم هذا العام مساهمات بارزة لمجتمعاتهم المحلية في كلٍ من هذه المجالات.
تعزز هذه الجهود هوية الشركة، وقد صنفتها وكالة (براند فاينانس) أسرع العلامات التجارية نمواً بين شركات الكيماويات على مستوى العالم عام 2018 م، كما احتلت المرتبة الثالثة بين أهم عشر شركات الكيماويات وفق التقرير السنوي الذي تعده الوكالة حول أهم العلامات التجارية العالمية في مجال الكيماويات.
بدأت (سابك) مسيرة التحول عام 2015 م لتعزيز قدراتها التنافسية، وقطعت شوطاً طويلاً في ذلك، ولكنها تدرك تماماً أن أمامها الكثير من الجهد والعمل لمواجهة العديد من التحديات الخارجية التي تواجه صناعاتها، بما في ذلك تذبذب أسعار النفط والطلب على البتروكيماويات، والإجراءات التجارية الحمائية، وتغير اللوائح التنظيمية، ولا شك أن مواصلة النجاح في هذه البيئة الصعبة تستلزم الانفتاح على الأفكار الجديدة والتركيز على المجالات التي يمكن اغتنام ميزاتها.
تحتل الاستدامة صدارة تلك المجالات، وقد حققت الشركة تقدماً كبيراً في هذا الجانب باعتبار الاستدامة استراتيجية لتعظيم الفائدة التي تقدمها لجميع الأطراف التي نتعامل معها داخلياً وخارجياً.
وختاماً أعرب عن شكري وتقديري لجميع موظفينا، الذين لولا جهودهم وتفانيهم في العمل فريقاُ موحداً متكاملاً لما لمسنا نتائج استراتيجية الاستدامة والبرامج ذات العلاقة، وما زال أمامنا الكثير من العمل لتقديم المزيد من الكيماويات والمنتجات المتخصصة الأكثر تقدماً وابتكاراً لتوثيق علاقات الشركة مع زبائنها، وتلبية متطلبات مختلف الصناعات العالمية، ومضاعفة الفوائد التي تقدمها لخير البشرية.