الموارد البيئية
تضم موارد (سابك) البيئية جميع الموارد المتجددة وغير المتجددة التي تعتبر ضرورية لمواصلة أنشطتها التجارية، لا سيما سلعها وخدماتها الأساسية، وإنمائها للمِدَى القصيرة والمتوسطة والطويلة. وُيعد نهجها في التعامل مع الموارد البيئية هو أكثر العوامل التي تواجهها تعقيدًا في ظل التحديات العالمية لتغير المناخ وانهيار التنوع الأحيائي.
يتقاطع دور الموارد البيئية بشكل أساس مع ستة موضوعات جوهرية وأربعة مجالات ذات أولوية تُشكل نهج الاستدامة الحالي في (سابك) . تخطط الشركة لتحديث "تحليل الأهمية النسبية" في عام 2023 م، وتظل المكونات الأساسية الثلاثة لمواردها البيئية كما هي: مسيرتها نحو الحياد الكربوني، واستراتيجية النمو التي يقودها التركيز على الابتكار والاستدامة والاقتصاد الدائري في المنتجات والعمليات، ومبادرة "كيمياء أكثر أماًنا" التي تتبناها (سابك) طواعية لتقليل أثر الكيماويات الخطرة عبر البحث عن بدائل أكثر أماًنا للمواد الكيميائية المثيرة للقلق لاستخدامها في باقة منتجاتها.
يأتي ذلك جنبًا إلى جنب مع الإدارة السليمة المسؤولة لأعمالها على مستوى بروتوكولات التصنيع والإشراف على المنتجات التي تغطيها أصول التصنيع، فيما تسهم هذه المكونات الثلاثة مجتمعة في تعزيز المرونة وتطوير القدرات اللازمة للحد من مخاطر المناخ في جميع قطاعات الشركة.
تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن:
جاء الالتزام الذي قطعته (سابك) في عام 2021 م بتحقيق الحياد الكربوني في عملياتها بحلول عام 2050 م تتويجًا للمسيرة التي بدأتها عام 2011 م عندما وضعت أهدافها الأولى للاستدامة. وقد حددت أهدافًا في طموحاتها المناخية التي أفصحت عنها في البداية، تتعلق بمعدلات الكثافة والخفض الإلزامي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وكثافة الطاقة، وكثافة استهلاك المياه، وكثافة هدر المواد، وتتطلع إلى تحقيقها بحلول عام 2025 م مقارنة بالأرقام المُسجلة في عام الأساس ( 2010 م).
مع ذلك فإن تطور المفاهيم والتوقعات بشأن الإجراءات المطلوبة للتعامل مع مشكلة تغير المناخ قد دفع الشركة إلى تقييم تلك الأهداف من جديد وإعادة صياغتها، وتركز خريطة طريقها حاليًا على هدف خفض الانبعاثات المطلقة بنسبة 20 ٪ - الانبعاثات الخاصة بالنطاقين الأول والثاني- بحلول عام 2030 م لدعم التزامها تحقيق الحياد الكربوني. وبينما ستواصل توثيق تقدمها المُحرز على مستوى أهداف الخفض المستندة إلى الكثافة وأهداف الخفض المطلقة، سيكون تركيزها الأساسي بعد عام 2025 م على أهداف الخفض المطلقة الجديدة.
بدأت (ساب) منذ عام 2011 م الإبلاغ عن انبعاثاتها المباشرة (النطاق الأول) والانبعاثات غير المباشرة المرتبطة بإمداد الطاقة من قبل مصادر خارجية (النطاق الثاني). وقد أدت الجهود التي بذلتها مسبقًا لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتحسين الأصول إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بمتوسط 3٪ على أساس سنوي. وتمضي قُدُمًا منذ عام 2018 م نحو تحقيق هدفها للمدى القريب المتمثل في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة (النطاقين الأول والثاني)، سعيًا لتوسيع نطاق وعمق إفصاحاتها.
وكانت (سابك) قد تلقت في العام الماضي تأكيدًا محدودًا بشأن انبعاثات النطاق الثالث للعام 2020 م، لتصبح من أوائل الشركات الصناعية التي تلقت تأكيدًا لإجمالي انبعاثاتها من النطاق الثالث. وتولت تحسين وتوسيع نطاق الإفصاح في أعمالها ليشمل مؤشرات الأداء الرئيسة البيئية الأوسع، وعززت دقة تقارير التأثير البيئي لديها بإضافة عنصر احتساب معدل سحب وتصريف واستهلاك المياه بمواقعها الصناعية، ويعرض تقرير (سابك) للاستدامة 2022 م إفصاحاتها الكاملة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، إلى جانب مؤشرات الأداء الرئيسة البيئية الأخرى.
أحد الأقسام الرئيسة في مصنع التقاط وتنقية الكربون في شركة (المتحدة) في الجبيل
مسارات إزالة الكربون:
تنطلق خريطة طريق الحياد الكربوني الخاصة ب (سابك) عبر خمسة مسارات لإزالة الكربون: الموثوقية وكفاءة الطاقة والتحسينات، والطاقة المتجددة، والتشغيل باستخدام الطاقة الكهربائية، والتقاط الكربون وتخزينه، والهيدروجين الأخضر والأزرق، إلى جانب تركيزها المستمر على مواد اللقيم الدائرية والمتجددة.
يُعد تحسين كفاءة الطاقة في عمليات الشركة أحد أدواتها الحيوية لدفع التقدم نحو أهدافها المناخية. وقد طورت هذا العام خرائط طريق للحياد الكربوني خاصة بكل مواقعها للمساعدة في تحقيق أهدافها لعام 2030 م.
وسوف تؤدي تحسينات كفاءة الطاقة المخطط لها ضمن خرائط الطريق- جنبًا إلى جنب مع بدء إيقاف تشغيل المواقع كثيفة الاستهلاك للطاقة في عام 2025 م- إلى خفض متوقع بنحو 7.2 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 م. فضلًًا عن ذلك واصلت الشركة التقدم في أهداف الدورة الثانية للمركز السعودي لكفاءة الطاقة ( SEEC ) مع الالتزام بمواكبة الاتجاهات العالمية فيما يتعلق بكفاءة العمليات واستخدام الطاقة، واستثمرت لتحقيق هذا الهدف الطموح 1.38 مليار دولار أمريكي في 80 مشروعًا بالشركات التابعة، منها ثمانية مشاريع عملاقة، وشهد العام تقدمًا ملموسًا في العديد من المشاريع؛ بما في ذلك بدء تشغيل مشروع تحسين الطاقة في مصنع جلايكول الإيثيلين بشركة ينبت ( Yanpet EG-II )، الذي سيقلل كثافة استهلاك الطاقة في المجمع بنسبة ٪30 ، وذلك في إطار الجهود المتواصلة لجعل مصانع جلايكول الإيثيلين أكثر استدامة.
بدأت (سابك) عام 2022 م- بالتعاون مع عملاقيْ صناعة الغازات الكيماوية والصناعية (باسف) و(ليندي) - إنشاء أول مصنع تجريبي في العالم يضم فرن تكسير بخاري يعمل بالتسخين الكهربائي، وسيختبر المصنع- الواقع في موقع (فيربوند) التابع لشركة (باسف) في (لودفيغشافن) بألمانيا- مفاهيم التسخين المباشر وغير المباشر للفرن الذي سيتم تشغيله عام 2023 م.
تهيئ هذه التقنية الجديدة القدرة على تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المرتبط بإنتاج الإيثيلين بنسبة تقارب 90 ٪ مع استخدام الكهرباء المولدة من مصادر متجددة بدلًًا من حرق الوقود الأحفوري. كما تعمل الشركة على التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة اتفاقًا مع رؤية المملكة الرامية إلى تمكين القطاع الصناعي في البلاد من العمل بالطاقة المتجددة بنسبة 50 ٪ عام 2030 م، واتخاذ خطوات مهمة في هذا الشأن عبر منظومة أعمالها العالمية أيضًا حيث تستهدف (سابك) توفير 4 جيجاوات من احتياجاتها للطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2025 م، و 12 جيجاوات بحلول عام 2030 م.
يعتبر المصنع الضخم الذي شيدته (سابك) في إطار شركة (المتحدة)- التابعة لها بمدينة الجبيل الصناعية في المملكة العربية السعودية- من أكبر المصانع العالمية في مجال التقاط الكربون وتنقيته، وقد افتتح عام 2015 م بطاقة سنوية ( 500 ) ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون المرتبط بإنتاج جلايكول الإيثيلين. كما أطلقت (سابك) هذا العام برنامج التقاط ثاني أكسيد الكربون بسبع شركات تابعة أخرى، مستهدفًا جمع مليونيْ طن متري من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2026 م، ومليونيْ طن متري أخرى بحلول عام 2030 م.
تسعى الشركة في إطار هذا التوسع إلى أن تكون في وضع يمكنها من توفير ثاني أكسيد الكربون إلى (مركز التقاط واستخدام الكربون) المقترح إنشاؤه في المملكة العربية السعودية عام 2027 م. وبالمثل تواصل اتخاذ خطوات مهمة بوصفها مشاركًًا رائدًا في سوق الأمونيا منخفضة الكربون (الأمونيا الزرقاء والخضراء)، وجاء أول إنجاز رئيس لها في هذا الجانب في أواخر عام 2020 م، عندما تعاونت مع (شركة أرامكو السعودية) في إرسال أول شحنة أمونيا زرقاء في العالم إلى اليابان لتوليد طاقة خالية من الكربون.
وتستهدف (سابك) تعزيز حضورها في هذه السوق الواعدة عبر العديد من المشاريع قيد التقييم، التي لا تقتصر على إنتاج الأمونيا، بل تمتد إلى عمليات التسويق النهائي للقطاعات المختلفة.
إتمام دورة البلاستيك عبر الاقتصاد الدائري:
يتطلب التحول إلى الاقتصاد الدائري تكييف عمليات الشركة لاستخدام مواد اللقيم المتجددة والمعاد تدويرها لتزويد الزبائن حلولَ منتجاتٍ قوية قابلة لإعادة التدوير، ما يسهم في إيجاد فرص مختلفة عبر سلاسل القيمة تتيح المجال لتوفير منتجات مستدامة جديدة لصناعاتها وزبائنها، مع تقليل الآثار الكربونية لأعمالها. كما يسهم استخدام مواد اللقيم الحيوية المتجددة والقابلة لإعادة التدوير في تقديم منتجات وتطبيقات خفيفة الوزن متينة وفعالة من حيث التكلفة.
أطلقت (سابك) مبادرتها (تروسيركل ™) عام 2019 م لهدف تطوير حلول عملية ومبتكرة لمعالجة النفايات البلاستيكية ضمن ثلاث فئات: المنتجات المعاد تدويرها ميكانيكيًا، والمنتجات الدائرية المعتمدة، والمنتجات المتجددة المعتمدة. وحققت جهودها في إطار هذه المبادرة نتائج واعدة عام 2022 م؛ فعلى صعيد المنتجات المعاد تدويرها ميكانيكيًا طُوِّرت مجموعة من مركبات المواد المُعاد تدويرها بعد الاستهلاك لاستخدامها في مختلف الصناعات، يما في ذلك أفلام التغليف المنكمشة لمنتجات سلع الجملة، وصناعات المستلزمات المنزلية، وتعبئة المواد الكيميائية.
كما نجحت جهودها في مجال المنتجات الدائرية المعتمدة في مُعالجة 2600 طن من زيت التحلل الحراري في وحدات التكسير الخاصة بها، بالإضافة إلى مُعالجة عشرة آلاف طن من مواد اللقيم المتجددة لهدف إنتاج البوليمر الأخضر. وفي الوقت نفسه، أدت منتجات الشركة المتجددة المعتمدة إلى دخولها في شراكات مع العديد من الجهات المتعاونة لاستخدام بوليمرات(تروسيركل ™) المتجددة المعتمدة في تصنيع منتجات متجددة معتمدة عبر قطاعات صناعية متنوعة، بدءًا بصناعة الألعاب وصولًًا إلى صناعات التغليف.
وقد شرعت مبادرة (تروسيركل ™) هذا العام في مشروع تجريبي لاستخدام تقنية (بلوك تشين) في التتبع الرقمي وتحقيق مزيد من الشفافية على طول سلسلة الإمدادات؛ وذلك بالتعاون مع كل من شركة (فينبوت) المختصة في قطاع التقنية، وشركة (بلاستيك إنيرجي)، وشركة (إنترابلاس) المتخصصة في التعبئة والتغليف، ويتوقع أن يسهم المشروع في خفض التكاليف وتوفير الوقت وتعزيز تكامل البيانات لجميع الشركاء في سلسلة القيمة.
كما شهد عام 2022 م العديد من التطورات المهمة الأخرى؛ منها إطلاق مبادرة (بلو هيرو ™)، وهي منظومة متكاملة من المواد والحلول والخبرات والبرامج المصممة لمساعدة العالم على الانتقال إلى الطاقة الكهربائية سعيًا لتحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بتغير المناخ. وقد استهلت هذه المبادرة انطلاقتها بتركيزها على دعم قطاع صناعة السيارات ومعاونته في إنتاج سيارات كهربائية أفضل وأكثر أماًنا وفعالية، وشمل ذلك تحسين مكونات البطارية الهيكلية باستخدام مواد فريدة مثبطة للهب وتوظيف الخبرات في تطوير الحلول.
يستند مستقبل الاقتصاد الدائري جزئيًا إلى التركيز على التفكير المنهجي والنهج التعاوني، أي التفكير من خلال النظر إلى العلاقات بين إجراءات العمل والمنتجات والتأثير الناتج في جميع أنحاء سلسلة القيمة. وتلتزم (سابك) العمل جنبًا إلى جنب مع شركائها عبر سلسلة القيمة لتطوير حلول دائرية تقربها من تحقيق طموحها (بناء منظومة بلاستيكية جديدة، وعالم أكثر نقاءً واخضرارًا).